من النجاح ما كان منتظرًا، على أنه اتيح له فى السنوات التالية أن يخرج على رأس بعض الطوائف ضد المسحيين ثم زحف فى سنة ٢٦٣ هـ (٨٧٧ م) على ماردة لمحاربة صاحب بطليموس Badoyoz عبد الرحمن بن مروان الجليقى وما انقضت خمس سنوات بعد ذلك حتى خرج سنة ٢٦٨ هـ (= ٨٨٢ م) فحاصر سرقسطة saragassa واستولى على بعض الأماكن قبل أن يرتد فيقابل ابن مروان ويخرجه من بطليموس وجرى فى هذا الوقت بالذات أن استسلم عمر بن حفصون المتمرد المعروف لمحمد الأول ولكن استسلامه كان ظاهريا إذ ما لبث أن انشق السيف مرة ثانية وأصبح لزامًا على المنذر بن محمد قتاله سنة ٢٧٣ هـ (= ٨٨٦ م) فقام ابن الأمير وطوّق الحامية وحاصرها وردّ هجوما قام به المتمردون على غرّة، إلا أنه أضاع الفرصة من يده حين أمعن فى التقدم أكثر مما وصل إليه وما كان ذلك التوقف من جانبه إلّا حين سمع بموت أبيه، ومن ثم عاد إلى قرطبة ونودى به حاكما وذلك يوم الثالث من ربيع الأول سنة ٢٧٣ هـ (= ٩ أغسطس ٨٨٦ م) فى ظروف اعاد روايتها ابن الآبار بطريقة مأساوية فى الفصل الذى أفرده لوزير محمد الأول وقائده هشام بن عبد العزيز الذى لم يستطع إلّا بعد صعوبة أن يقرأ على الناس كتاب الولاية بالحكم، فلما ولى المنذر الأمور استبقى وزيرى أبيه تماما بن عامر الثقفى وأبا مروان عبد الملك بن جوهر وعين هشامًا حاجبًا وإن لم تطل علاقاته الودية بالأخير إذ سرعان ما استجاب لالحاح ابن جوهر عليه فقبض على هشام وأعدمه وصادر ممتلكات أسرته وفرض عليهم غرامة ثقيلة جباها منهم.
إذا كان عهد المنذر بن سعيد قد اتسم بالقصر فقد امضاه فى محاربة ابن حفصون الذى اغتنم فرصة موت محمد الأول ليتابع حركاته وعماله ولكن الأمير الجدب ظل يتابعه بالحرب حتى أنه خرج بنفسه على رأس عسكره فى سنة ٢٧٤ هـ (= ٨٨٨ م) لقتاله وكان يهدف من حملته هذه إلى ضرب معاقل المتمرد فى