البحر الأحمر الأصل "التاريخى" لخضوع الرجل المصرى للمرأة وهو الأمر الذى لاحظه الكتاب غير المصريين منذ هيرودوس حتى زيادة مصطفى على للقاهرة فى نهاية القرن العاشر الهجرى/ السادس عشر الميلادى. وكان لمدينة منف دور مهم فى هذه الفترة أيضا، فقد كان للمعبد الرئيسى فيها (بربا أو بَرْبا) ذى الأبواب الأربعة الذى بنته الملكة الشجاعة دَلوُكه دور فى حياة مصر فى تلك الأيام الحزينة التى حرمت فيها مصر من الرجال وأصبحت غنيمة سهلة للغزاه، وطبقا لما ذكره ابن عبد الحكم ومصادره، فقد جهزت الساحرة تَدُوره صورا لحيوانات الركوب والمركبات التى يمكن لأعداء مصر الكثيرين أن يستعملوها فى غزوها، وباستخدام تعويذه سحرية، إذا دمرت إحدى هذه الصدر يدمر الشئ الذى تمثله، وبانقراض ذرية تدوره فى منف، فقدت هذه العلوم السحرية إلى الأبد. ويذكر أبو حامد القدسى فى كتابه فضائل مصر. نقلا عن مصدر مجهول أن صور الملوك وليست الحيوانات والمركبات هى التى كانت مجهزة فى منف بحيث يمكن إبادتهم وهم فى بلادهم إذا حدثتهم أنفسهم بغزو مصر، ويذكرنا هذا بالقول المأثور عن مصر: من أراد اللَّه أن يفنيه يغريه بغزو مصر (مصر مقبرة الغزاة)، وقد احتال نبوخد نصر على معرفة هذا السر، ثم أمر بإغراق صورته التى فى قبة منف بدم (الخنازير)، وبهذا أبطل السحر وتمكن من غزو مصر والإستيلاء على منف ويدخل المقريزى منف فى دائرة معجزات محمد [-صلى اللَّه عليه وسلم-]، فقد انهارت المعابد الوثنية الأثرية فى منف فى نفس اللحظة التى دخل فيها الرسول [-صلى اللَّه عليه وسلم-] مكة فاتحا ومحطما الأصنام ومعلنا ظهور الحق من المشرق إلى المغرب، بل فى العالم أجمع.
كما نرى فإن الحقائق التاريخية تختلط بالأساطير الدينية، فنسمع عن معدات معقدة (الدرج المجوفة) التى كانت تستخدم فى رفع الماء إلى المبانى المرتفعة فى منف منذ عصر ما بعد الطوفان، كما يقال أن منف كان بها أول مقياس للنيل، ويقول القلقشندى أنه حتى زمانه فى القرن التاسع/ الخامس