منها فرص تحقيق الثروة. وفرص العمل التى لا حد لها واحترام الحريات العامة وتقبل المجتمع لطموحات الفرد وفقا لأفعاله وقدراته وليس على أساس الموطن أو الطبقة والاهتمام بحقوق وكرامة المواطن بلا تمييز، وسياده النظام والقانون.
واستقر هؤلاء المهاجرون (عقب وصولهم) فى الأحياء الفقيرة من المدن التى اختاروها لوجود أقارب لهم بها. وبدأوا فى اكتساب عيشهم من خلال التجارة فى الطرقات والأعمال البسيطة. أما من حقق النجاح منهم وكانوا أقلية فقد افتتحوا محالًا صغيرة وإن أصبح بعضهم من رجال الصناعة أو التجار الناجحين.
أما الشعوب التى عاشوا بين ظهرانيها فلم تنظر إليهم باحترام كبير وكانوا يسمونهم بالأتراك نسبة للمناطق التى وفدوا منها وكانت تحت الحكم العثمانى، وفى بعض الحالات كانوا يعاملون كالمغول واعتبروا من الجنس الأصفر. وكان المهاجرون أنفسهم واعين لأهمية تصحيح هذه الصورة التى شكلت أفكار الأمريكيين حيالهم.
فى البداية كانوا يعتقدون أن هذه الهجرة مؤقتة ولن تدوم لأكثر من الفترة اللازمة لادخار الأموال الكافية لتأمينهم والانفاق على عائلاتهم فى الوطن آملين فى نفس الوقت أن تتحسن الظروف المعيشية فى بلادهم. لكنهم بمجرد أن استقروا واعتادوا نمط الحياة وازدهرت اعمالهم وشب أبناوهم فى ذلك المحيط الجديد وتعلموا لغته وازدادوا ارتباطًا به، بدأوا يفكرون فى البناء والأستقرار برغم آلام (المنفى) التى كانوا يعانون منها والحنين المرير الذى كانوا يكابدونه للأهل والوطن.
ليس هناك شك إنهم استجابة لاحتياجهم للتواصل فيما بينهم فى الغربة، ومن ناحية أخرى لمتابعة الأحداث الجارية فى الوطن، اضطروا لإصدار عدد من الصحف العربية الصغيرة، بدت فى الظهور مع وصول الموجات الأولى من المهاجرين فى السنوات الأخيرة للقرن التاسع عشر فى شمال وجنوب القارَّة.