السياسى فقد صحبته الفوضى وثورات المدن وضعف الخليفة والانصراف عن عقيدة الموحدين، كما أخذ الولاة فى هذا العصر يتوالون بعضهم إثر بعض بصورة زادت من ضعف السلطة المركزية وتدهور وضع الأسرة، فكانوا يعرفون "بالخلفاء" فى الأندلس، ولكن شيوخ الموحدين بمراكش لا يعترفون بهم، وكانت تؤيدهم فى بعض الأحيان القبائل العربية ولكن يأبى الاعتراف بهم أهل المدن، حتى ليذكر المؤرخون ثمانية من "الخلفاء" الموحدين كلهم من أسرة بنى مؤمن، وهؤلاء الخلفاء هم: يوسف بن أبى عبد اللَّه المستنصر (٦١٠ - ٦٢٠ هـ)، وأبو محمد بن الواحد المخلوع (٦٢١ هـ = ١٢٢٤ م) وأبو محمد عبد اللَّه العادل (٦٢١ - ٦٢٤ هـ) ويحيى بن ناصر المعتصم باللَّه (٦٢٤ - ٦٣٣ هـ) ويعاصرهم أبو العلا إدريس المأمون (٦٢٤ - ٦٣٠ هـ/ ١٢٢٧ - ١٢٣٢ م) وعبد الواحد الراشد (٦٣٠ - ٦٤٠ هـ = ١٢٣٢ - ١٢٤٢ م) وأبو الحسن على السعيد (٦٤٠ - ٦٤٦ هـ = ١٢٤٢ - ١٢٤٨ م) وأبو حفص عمر المرتضى (٦٤٦ - ٦٦٥ هـ = ١٢٤٨ - ١٢٦٦ م) وأبو دبّوس الواثق باللَّه (٦٦٥ - ٦٦٨ هـ = ١٢٦٦ - ١٢٦٩ م).
وعلى الرغم من عدم الاستقرار السياسى وانهيار البنية السياسية والإدارية إلا أن مدينة مراكش ظلت مركز نشاط فنى وتوقّد فكرى كبير خلال الفترة الثانية من تاريخ الموحدين، كذلك نجد أن الأقاليم الواقعة عند أقصى أطراف الإمبراطورية (وهى التى كانت آخر النواحى التى خضعت للموحدين) كانت هى الأخرى أول الجهات التى خرجت من نطاقهم، وكان مما ساعد وزاد فى هذه الخطوة من التفكك والانفصال هو ما جرت عليه سياسة الموحدين من تعيين واحد من رجال الأسرة وجعله واليًا شبه مستقل فى المدن والأقاليم وإمداده بالقوات العسكرية، وتركه حرًا حرية تكاد تكون كاملة فى التصرف فيما تحت يده من المال، ومن ثم فقد قام حاكم "أفريقية"