الأتراك فى الجزائر، الذين كان لهم ضلع فى كل المؤامرات التى حكيت خيوطها فى "أطلس" ضد "الأشراف" فى "فارس". وقام التحالف حينئذ بين فرنسا و"باى" تونس وسلطان "فاس"، وحاول الأخير أن يعضده بالمصاهرة، فطلب يد الأميرة "دى كونتى". وعلى الرغم من فشل مساعيه، فإن هذا التحالف أمن لفرنسا مصالحها التجارية العظمى فى "ساليه" و"تيتوان" و"سافى". ونظم "مولاى إسماعيل" من جانبه العديد من الحملات ضد الأتراك بمساعدة فرنسا، والتى زوده تجارها بالأسلحة والذخائر. وانتقلت امتيازات "الأولياء"، وهم الحلفاء الطبيعيون للأتراك، إلى أيدى "الأشراف"، الذين تبنوا تدريجيًا اتجاه العناصر الدينية، والتى تشكلت على هيئة جماعات الإخوان. واستكمل إسماعيل هيمنة بالمنشآت العسكرية ونظام الحاميات لتأمين المرور والسيطرة على البربر فى "الريف". وجمع الأموال اللازمة بفرض الضرائب الباهظة دون تمييز عن طريق عملائه، وبشن الغارات المتواصلة على القبائل وفرض الرسوم الجمركية، ومن جباية أتاوة السدس على غنائم مجاهدى البحر، ومن الفدية المفروضة على الأسرى، ومن تلقى الهدايا القيمة من السفراء الأجانب. وامتزجت فى شخصيته القوة والدهاء والشجاعة مع القسوة والسادية. واتخذ مظهر المهتم بالأنشطة الفكرية لرعاياه، وأضفى على نفسه سمة الورع والتقوى ونشر الدعوة الإسلامية، إلى الحد الذى دعا معه "لويس الرابع عشر" إلى الدخول فى الإسلام.
واحتفظ فى سياسته الخارجية بعلاقات طيبة مع بريطانيا وفرنسا، لم يستغلها فى تحقيق النصر على أتراك الجزائر. واتسمت سياسته الداخلية، بقمع ثورات القبائل، ودعم "المخزن" وتقويتهم ضد تقلبات البربر، وبث الذعر لفرض السلام الذى تحقق عند وفاته، بعد فترة حكم استمرت ٥٥ عامًا، فى ٢٧ رجب ١١٣٩/ ٢٠ مارس ١٧٢٧، عن عمر يناهز ٨٠ عامًا. ومن بين عدة مئات من الأطفال الذين أنجبهم من زوجاته العديدات، خلفه فى الحكم "مولاى أحمد الذهبى" - المؤلف. A. Cour