وقد بدأ تذوق هذا النوع من التسلية مع مطلع القرن الأول الهجرى/ السابع الميلادى فى المدن الكبرى الإسلامية وخاصة المدينة، مواكبًا لظهور مذاهب فى الغناء والموسيقى، ومع بداية العصر العباسى انتقل فن الفكاهة إلى بغداد والبصرة، حيث جمع الخلفاء والوزراء والأثرياء حولهم، من يُذهب عنهم هموم أعبائهم، وفى هذا يقول الأصمعى:"بالعلم جمعت مالا، ولكن بالنوادر جمعت ثروة".
وقد حفظت الكتابات الكثير ممن اشتهروا بفن الفكاهة فى صدر الإسلام، من أشهرهم: أشعب، مزبد المدنى، أبو الحارث جمين، الجماز. ولدينا حصيلة من شخصيات خيالية أو حقيقية وردت فى الأعمال المتأخرة -مجهولة المصدر غالبا- نسجت حولها أساطير كُتب لها البقاء، مثل أبو ضمضم، أبو نواس، جحا، وشخصية أخرى فى نفس الخط هو نصر الدين خوجة. أما المصدر الثالث فهو أعمال لمن اشتهروا بالفكاهة، جمعوا فيها من أخبارها ما رأوا أهمية أن يحفظ اللأجيال التالية، ومن أمثالهم المدائنى، إسحاق الموصلى، أبو العباس وأبو العبر.
ونتيجة لشيوع التزمت توقفت عملية إعادة نشر هذه الأعمال والكتابات لعدم وفرة القراء، مما أدى إلى عدم حفظها، ولكن محتواها يوجد متناثرًا فى أعمال أدبية أخرى متأخرة. ومن الجدير بالذكر القول بأن الفن المسمى بـ "الأدب"، والذى يهدف إلى التثقيف والتهذيب دون عناء، يتضمن من جهة التخفيف من صرامة أو كآبة الموضوعات المتصفة بذلك عن طريق النكات والملح، ومن جهة أخرى اللجوء لسرعة البديهة والصور الموجزة فى المحاورات كوسيلة لإظهار ما عليه الشخص من ثقافة واسعة متعددة الجوانب، وهذه الحصيلة من الفن الترويحى، والذى هو شفهى فى منشئه، قد جمعت بداية من القرن الثانى الهجرى من أناس شغوفين