وكانت مشهورة بحبوبها، وفواكهها وخضرواتها ومصنوعاتها الجلدية ومنسوجاتها، وتقع وسط وادى خصيب، يسمى أيضًا بنجران. وتدين بأهميتها كمحطة للقوافل لوقوعها عند ملتقى طريقين رئيسيين لها، أحدهما ينطلق من حضر موت إلى داخل الحجاز إلى شرق البحر المتوسط والآخر يمتد إلى الشمال عبر اليمامة إلى إقليم الجزيرة العراقى.
ويكفى لإظهار أهميتها أنها فى القرن الرابع الميلادى استلفتت انتباه امرئ القيس "ملك كل العرب"(توفى ٣٢٨ م)، وقبلها بثلاثة قرون احتلها "أيليوس جالوس"، الذى أرسله أغسطس على رأس حملة ضد جنوب شبه جزيرة التقريب. وأحرزت شهرة عالمية فى القرن السادس الميلادى بسبب سلسلة من الأحداث المتعاقبة غير العادية. أبرزها دخول المسيحية إليها فى القرن السابق على يد أحد التجار اليمنيين ويسمى بحيان أو حنان.
وعلى الرغم من أن طلائع المسيحية الأولى جاءت من الحيرة، حيث تنصر حيّان هنالك، وتوافدت بعثات مسيحية أخرى من سوريا البيزنطية والحبشية على نجران، مما جعلها مركز المسيحية الرئيسى جنوب شبه الجزيرة. وعاشت طوائف مسيحية مختلفة فى نجران، لكن السيادة بينها كانت لليعاقبة.
وحوالى ٥٢٠ م استولى ملك حمير ذو نواس اليهودى على نجران وخيَّر مسيحييها بين اعتناق اليهودية والموت. مما أدى إلى استشهاد عدد كبير من نصارى نجران. ورد إمبراطور بيزنطة وملك الحبشة بإرسال حملة مشتركة قضت عليه سنة ٥٢٥ م وأخضعت اليمن لمدة خمسين عامًا للنفوذ الحبشى والبيزنطى. وكانت قبيلة الحارث بن كعب أكبر القبائل العربية فى نجران، وهم من الأزد، الذين ينتسب إليهم الغساسنة حلفاء بيزنطة فى الشرق. وصارت نجران آنذاك مدينة حافلة بالكنائس والأديرة وعلى رأسها ما يعرف بكعبة نجران.
وفى سنة ٥٧٠ م احتل الفرس جنوب شبه الجزيرة بما فيه نجران،