النذر للشفاء من مرض أو للنجاة من ضائقة أو خطر، وللانتصار فى المعارك، ومن المسافر فى الصحراء إن وصل سالما، ولراكب البحر لنفس السبب. وقد نذر عمر ألا يأكل السمن أو اللبن أو اللحم حتى تنقضى المجاعة.
وقد يمس النذر الشخص نفسه، كما نرى فى قص الشعر، ليس فقط فى الحج، بل أيضًا بعد تقديم قربان أو أضحية بعد العودة من رحلة. وقد يربط بين أداء فرائض عادية، كالحج، بنذر ما (سورة الحج، الآية ٢٩، {ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ. . .})، قد يكون على صورة التزام ما، كأن يحج المرء ماشيا. والاعتكاف أيضا قد يكون عن نذر فقد نذر عمر أن يجعل الاعتكاف الليلى فى الحرم المكى وقد كان معروفا عند العرب الأقدمين.
وقد كان التقشف والزهد ذا هدف محدد هو التطهر الروحى وتقوية الروح وخشية الخالق من الأمور التى تمارس قبل الإقدام على جلائل الأعمال، خاصة الحروب. فقد كان ينذر مثلا عدم التعطر أو الاقتراب من النساء أو شرب الخمر قبل الأخذ بثأر مثلا: وصيغة النذر تكون فى هذه الحالة مثلا "الخمر والنساء على حرام إن لم أفعل كذا". وقد يحدد للنذر مدة معينة يتم فيها الأخذ بالثأر. كما قد يكون النذر بالصوم. وتدخل أعمال الامتناع أو الأداء أو القيام بالعمل فى صيغة النذر، كأن يقال "نذرت على نفسى" أو "نذرت مالى" أو "نذر دم فلان"؟ وبعد تحقيق الرغبة، قد يتم النذر للامتنان.
ويأخذ النذر صورة عهد بين الناذر والذات الإلهية (سورة التوبة، الآية ٧٥ {وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ. . .}، والأحزاب ٢٣ {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ. . .} والفتح ١٠ {وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ. . .}). ويعتبر النكوص عن الوفاء -فى هذه الحالة- خطيئة فى حق اللَّه. والنذر بالنفس يكون مرادفا لقضاء النحب، كما فى الآية السابقة من سورة الأحزاب {فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ}. وبالتدريج زادت أهمية العهود الملزمة، وأصبح التركيز على النذر المادى قليلا وقد يأخذ التعهد على