عام ٨٧٣) -رئيس أكاديمية "بيت الحكمة" التى أنشأها الخليفة المأمون فى بغداد- كانت أكثر دقة وصقلا، ولم يقتصر دورهم على الترجمة بل إنهم ألّفوا كثيرا فى المجالات الدينية والاكليركية، بالسريانية والعربية، وبالرغم من أنهم كتبوا بالعربية مبكرا إلا أنهم لم يتخلوا عن السريانية كوسيط أدبى. ويمكن مقارنة هذا بما حدث فى مصر حيث دخلت العربية على نطاق واسع فى القرن الرابع الهجرى/ العاشر الميلادى، وحلت محل القبطية التى اقتصرت على النصوص الفلسفية والمجالات المتعلقة بالطقوس. وفى هذه الكتابات توجد أعمال مهمة تتعلق بتاريخ الحوار بين الإسلام والمسيحية وموقف الكنيسة النسطورية فى أثناء الخلافة العباسية. ومما يذكر أن بطريرك الكنيسة الأرمنية تيموثى الأول دخل فى حوار دينى مع الخليفة المهدى (١٥٨ - ١٦٩ هـ/ ٧٧٥ - ٧٨٥ م) حول معظم نقاط الخلاف التقليدية مثل التعليل اللاهوتى لشخص المسيح، والثالوث الأقدس، والاختلافات الأخلاقية والطقسية بين المسيحيين والمسلمين واليهود، ونبوة محمد [-صلى اللَّه عليه وسلم-] وتحريف الكتاب المقدس، وتبجيل الصليب إلخ. ودفاع تيموثى معروف أكثر فى النصوص العربية رغم أنه كتب أصلا بالسريانية، وهناك آخرون كتبوا عن هذه الموضوعات إما مدافعين أو مفندين.
وبالرغم من أن الخلافة العباسية استمرت رسميا حتى ٦٥٦ هـ/ ١٢٥٨ م، إلا أن الحكام الفعليين فى الفترة من ٣٣٤ - ٤٤٧ هـ/ ٩٤٥ - ١٠٥٥ م كانوا من البويهيين الشيعة الذين كانوا أكثر تسامحا مع المسيحيين من السنيين -فعندما حل السلاجقة السنيون فى عام ٤٤٧ هـ/ ١٠٥٥ م محل البويهيين دمرت الكثير من الكنائس والأديرة النسطورية. . وكان هذا مصير كل الأقليات الدينية. وعندما وطد السلاجقة أنفسهم تحسن الموقف بالنسبة للنساطرة حيث سهل عليهم بعد سيطرة السلاجقة على سوريا وفلسطين -أن يتوسعوا بكنيستهم فى الغرب- كما ازدهرت أيضا الكنيسة