نجد فى المصادر اللاحقة للفترة التى يطلق عليها فى التاريخ المسيحى فترة ما بعد الرسل Apostolic era (قبل الإسلام) قد جرى التفرقة بين مصطلحى (النصارى) و (المسيحيين) إذ أن لفظ النصارى كان يطلق -فقط- على اليهود الذين قالوا بأن المسيح عليه السلام هو ابن اللَّه ولكنهم مع ذلك ظلوا متمسكين بمختلف الشرائع اليهودية، وظلوا متمسكين بجوانب العقيدة اليهودية الأخرى. وذلك فيما يقول تيودور بارفونى Theodoro bar kuni فى فترة متأخرة فى حوالى سنة ٨٠٠ بعد الميلاد.
وتؤكد المصادر الإيرانية هذا التمييز بين مصطلحى (النصارى) و (المسيحيين) كما هو واضح فى نقش كارتير Kartir فى بخش رستم الذى يعود لحوالى سنة ٢٨٦ م. وأكدت -أيضًا- المصادر اليونانية ذلك (انظر على سبيل المثال ما كتبه ماجنن J. M. Magnin فى دورية Proche Orient Chretien القدس، ١٩٧٣ - ١٩٧٨)، ولا تنكر المصادر السريانية هذا التمييز (Payne Smith, Thesaurus, cols. ١٨٢١ & ٢٤٤٤ & S P. Brock: same aspects of Greek words in Syriac, Gottingen, Sywposium on synkretismus im syrisch - persischen Kulturgebeit, ٩١ - ٩٥).
لكن المصطلح "نصارى" لم يرتبط فى القرآن الكريم -فيما يبدو- بطائفة اليهود المتنصرين الآنف ذكرهم Judaeco christians، وإنما المسألة لا تعدو استخدامًا للفظ قديم ظل حيًا على ألسن اليهود الذين كانوا يطلقون على المسيح عليه السلام اسم الناصرى، وكان اليهود أكثر عددًا من المسيحيين فى منطقة مكة (المكرمة) والمدينة (انظر الموسوعة اليهودية Encyclopedia Judaica، القدس، الطبعة الرابعة , ١٩٧٨، جزء ١٢ عمود ١٥٢١) وقد حدث أن استخدم لفظ "النصارى" للعن المسيحيين فى الصلوات الرسمية التى يؤديها اليهود فى معابدهم (التفلا Tephilla) وقد عدَّل جمليل الثانى Gamaliel فى صيغ هذه اللعنات فى نهاية القرن الأول للميلاد J. Bonsirven: Le Judaisme palestinien au)