ألفونسو الحادى عشر من أن يصلا إلى أسوار المدينة، وشبت معركة دارت الدائرة فيها على قشتالة وقتل فيها الأسبانيان الوصيان فى وقعة "فجة" ويرجع الفضل فى ذلك إلى القائد المرينى عثمان أبى الغلا، وقبلت قشتالة -إذا لم يعد لها من قائد- إمضاء معاهدة لمدة ثمانية أعوام، وما لبث "نصر" أن مات فانعدم كل تهديد من جانبه لإسماعيل الذى مضى يدعم مركزه على الحدود فاستعاد بعض الأماكن هناك مثل بازة ووشقة، ولكنه مالبث أن قتل فى شجار بينه وبين ابن عمه محمد بن إسماعيل وإلى الجزيرة الخضراء.
ثم جاء للحكم أبو عبد اللَّه محمد السادس المعروف بالغالب باللَّه وكان أكبر أربعة أولاد لإسماعيل ولكنه كان صغيرًا فحكم تحت وصاية وزير أبيه القوى ابن المحروق الذى سرعان ما اشتبك فى صراع عنيف مع عثمان بن أبى الغلا، وانتهى صراعهما هذا باغتيال الوزير بأمر الملك فى رمضان ٧٢٩ هـ.
ولما بلغ الفونسو الحادى عشر السن فى سنة ١٣٢٧ م خاف من تفاقم خطر القوات المغربية فى أسبانيا فقامت قشتالة وأرجونة بالاتفاق مع نفارة وبوهيميا وإنجلترا وفرنسا بالإعداد لحملة صليبية ضخمة ضد غرناطة، غير أن ماكان من شقاق بين بعضها والبعض الآخر عمل على ضعف الحملة وأن خرجت فى ربيع ١٣٢٩ م غير متحمسة للقتال، ووجدت قشتالة نفسها وحيدة فى الحرب وقد استولت على بعض المعاقل الشمالية ومن ثم كان التماس المسلمين المعونة مرة أخرى من بنى مريين وأمكن استرداد جبل طارق من قشتالة فبادر الفونسو الحادى عشر فأمضى إتفاقية فى أغسطس ١٣٣٠ م مثلما فعلت أرجونة قبل ذلك بشهر واحد ولقد اغتيل محمد فى طريقه عودته من جبل طارق يوم الخامس والعشرين من أغسطس ١٣٣٣ م، اغتاله أبو ثابت وإبراهيم ولدا عثمان بن أبى العُلا.
وإذ ذاك نودى بيوسف الملقب بأبى الحجاج والمعروف بالمؤيد باللَّه وكان أصغر أخوى محمد الرابع، وكان أول عمل قام به هو إخراجه أبا ثابت الذى كان "شيخ الغزاة وأحل محله رجلا مِن بنى مرين اسمه يحيى بن عُمر بن رَحَّو.