ثم جاء بعده يوسف الثالث أبو الحجاج المعروف بالناصر لدين اللَّه (٧١٠ - ٨٢٠ هـ) وحينذاك أجمع فردناندو عزمه على أن يدخل على المسلمين فى عقر دارهم فحاصر بلدة "انتكويرا" حصارًا شديدًا ولم ينجح المسلمون فى محاولتهم المفاوضة معه بشأنها واستمر الحال على ما هو عليه بين الجانبين، ثم اضطر يوسف لإرضاء عدوه بتسليمه البلدة المحاصرة، وأعقب ذلك فترة سلم نسبى بين غرناطة وجيرانها، واستمرت هذه الفترة حتى ١٤٢٨ م.
ولقد مات يوسف الناصر لدين اللَّه يوم التاسع من نوفمبر سنة ١٤١٧ م بعد عام من وفاة عدوه فرناندو وقبل سنة من موت الوصية "كاترين اللانكسترية" التى كانت غرناطة تحمل إليها الهدايا بدلًا من الجزية.
ونوجز تاريخ مملكة بن نصر من ٨١٠ هـ (= ١٤١٧ م) حتى سقوطها سنة ٨٩٧ هـ (= ١٤٩٢ م)، وقد اتسم هذه التاريخ بانشقاق كبير فى البيت الحاكم نفسه فقد قام محمد التاسع السرّاج بخلع محمد الثامن بن يوسف وكان طفلًا فى الثامنة من عمره، وأصبح الحكم تارة فى يد هذا وتارة أخرى فى يد الآخر حتى انتهى الأمر بعد ثلاث مرات من تناوب الولاية فى يد محمد التاسع وإن تخللته فترات قصيرة كان الحكم فيها فى يد غيره. ولقد استطاعت غرناطة فى الأربعينيات من القرن الخامس عشر الميلادى أن تحرز بعض الانتصارات، إلا أن قوة قشتالة كانت تتزايد فى هذه الفترة، مما أرق خاطر غرناطة التى نجحت فى التوصل إلى هدنة مدتها ثلاث سنوات، غير أن ما أصاب قشتالة من انقسام داخلى قوى ساعد بنى نصر الذين اعتبرت سنوات ١٤٤٠ م وما بعدها سنوات إنتصار حربى لهم، فقد استردوا معظم ما كان قد سلبه منهم فرناندو فى الشرق كما بلغت جيوشهم أبواب أشبيلية، ولما رأى جوان الثانى ما تم من التحالف بين نفارة" وغرناطة ألتمس من محمد التاسع عقد معاهدة بينهما فأجابه إلى ما ألتمسه حتى ينصرف هو إلى يوسف الخامس الذى