المنكب فوافاه أجله هنا، وعرف محمد الزغل بمحمد الثالث عشر والذى تولى مكان أخيه أو كما يقول المؤرخون "استولى على المُلك" بَعْدَهُ، لكن مالبث الفقهاء أن أصدروا فتوى بعدم شرعية أبى عبد اللَّه فى حكم البلد، وانتهى الأمر بمحمد الزغل أن باع كل أملاكه سنة ١٤٩٠ م وأبحر إلى "وهران" فى المغرب، وكان العقد الأخير من حكم بنى نصر قد شاهد اتحاد الملوك الكاثوليك للتغلب على كل المنازعات التى بين بعضهم والبعض الآخر ونجاحهم فى جعل رعاياهم يسعون وراء غاية واحدة على حين أن المنازعات الأسرية كانت على أشدها فى عائلة بنى نصر، كما أن من كانوا خارج نطاق هذه الأسرة كانوا لا يعرفون معنى الإتحاد ونقصد بهم التجار والمزارعين والفقهاء أصحاب النفوذ فى الأمة على أن أشد الأمور خطورة كان الشقاق بين "بوعبدل" أبى عبد اللَّه وبين "الزَّغَل" مما أدى إلى أن تصبح غرناطة ذاتها فى سنة ١٤٨٦ م ساحة مغطاة بالدماء، وتشهد صراعا مريرًا، وكان أقرب الاثنين إلى قلب قشتالة "بوعبدل" لأنه كان أكثر إستعدادا للتعاون معها عن "الزَّغَل" الذى كان فى الواقع محاربًا وأشد مراسًا فى القتال من الآخر إلى جانب أنه كان المدافع الحقيقى عن الإسلام ومصالحه والخلاصة أن قشتالة استغلت كل الإنقسامات الداخلية فى معسكر بنى نصر ووظفتها لصالحها، فقد ظلت محتفظة بجيش قوى ثابت، وفرسان تتزايد قوتهم وعددهم يوما بعد يوم، هذا إلى جانب ما عمدت إليه من استنزاف مواردها عددها الاقتصادية والنفسية بتخريبها أراضيه الزراعية، وبالإضافة إلى ذلك فإن المغرب لم يعد قادرًا على نجدة بنى نصر بما يعينهم فى محنتهم، وذلك لما اعترى المغرب تدهور وضعف، واستنجدت الأندلس بمصر المملوكية فما استطاعت أن تقدم شيئا من العون أكثر من التدخل الدبلوماسى وإبداء حسن النية ولم يكن الأمر لسقوط مملكة بنى نصر إلا مسألة وقت.