فهو قد بنى آراءه الدينية على أسس من جدليات الفلسفة الطبيعية، مخالفا لآراء أبى الهذيل. فقد كان أبو الهذيل يؤمن بفكرة "التشكيل الذرى" للأجسام، بمعنى أن الأجسام مكونة من ذرات متراصة ومتماسكة بقدرة اللَّه. ولكن النظام ذهب إلى أن العناصر التى تكون الأجسام متداخلة، أى تتخلل بعضها البعض، ويمكن أن تكون إما ظاهرة على السطح أو "كامنة" فى الأعماق. وقد خلق اللَّه العناصر جميعا دفعة واحدة وما يجرى من تحول فيها يكون على صورة دفع الكامن إلى السطح، ويجرى تدريجيا وليس فجائيا. وبالتالى لا يمثل حادثا من الحوادث. والحادث الوحيد الذى يعترف به النظام هو "الحركة" التى تتضمن تغيرًا فجائيا من السكون. بل إن السكون ذاته يعتمد على قوة هى "الاعتماد" ويمكن أن يتحول إلى حركة
-وهو يميز بين الحركة movement والتحرك Iocomotion، من حيث إن الأولى يتمثل فيها "كل الأفعال التى تظهر فيها الناحية الإرادية، كالصلاة، والصوم، والعلم والجهل، والكلام والصمت، الخ. ومعنى ذلك أنه يميز بين عالم الإنسان الذى يتميز بالإرادة، وبين عالم الأجسام الطبيعية التى تتحرك طبقا للناموس الذى يحكمها، وأغلب أفكاره مستوحاة من الفلسفة الهيلينستية (الهلينية الأسيوية)، وهى لم تحظ بقبول من الفكر الإسلامى عامة، فقد رفضها المتكلمون والفلاسفة على حد سواء،
ونظرية النظام الطبيعية هى جزء من فلسفته الدينية، وهى تشترك فى مسلمات كثيرة مع الفلسفة المثنوية الفارسية التى يعارضها ويهاجمها بعنف. وهو يرى أن مكونات الأجسام لا تمتزج مع بعضها البعض بذاتها، ولكن بقوة خارجية هى قدرة اللَّه. ولذلك فهو يطلق على تلك المكونات "خلقة" وليس "طبيعة" كما أن اللَّه هو الذى يهب الاثار الخيرة والشريرة للأشياء، ولا تقف قدرته اللامحدودة إلا عند إرادة الإنسان الحرة. ولكن اختيار الإنسان بين الخير والشر هو محصلة صراع بين الجسد والروح، التى هى خيرة بطبيعتها. وفكرة التداخل لا تقتصر على عناصر الأجسام التى تتخللها الروح، بل أيضا على