أصلها وطبيعتها ومصيرها هو الذى يعبر عنه ابن القيم الجوزية فى كتابه "كتاب الروح" وهو يقول أن كل العقلاء يعرفون أن الإنسان هو روح وجسد. والروح والنفس متطابقان، وجوهرهما فى حقيقته يخالف الجسد الحسى فى الماهية، فهو له طبيعة النور، خفيف، عال، حى، متحرك، يتخلل الأجساد كالماء داخل الزهرة. والروح مخلوق ولكنه أبدى، وهو يغادر الجسد مؤقتا عند النوم، ويغادر الجسد للحساب الأول عند الموت ثم تعود لحساب منكر ونكير، وفى غير حالة الأنبياء والشهداء يعود للقبر للنعيم أو للعذاب حتى يوم القيامة. وهو ينكر قول ابن حزم فى أن الأرواح محجوزة فى البرزخ. انتظارا لحين نفخ الأجنة.
تاسعا: ويتقبل الفلاسفة الأوائل مادية الروح. فالقشيرى (الرسالة) والهجويرى (كشف المحجوب) يصفان "الروح" بأنها عين أى مادة أو "جسم" لطيف موجود فى الجسم ذى الإحساس مثل العصارة فى النبات الأخضر. أما النفس فيصفانها بأنها من الخصائص الجديرة باللوم، ومن كليهما يتكون الإنسان.
ويقسم ابن العربى الأشياء إلى ثلاثة أنواع: اللَّه، وهو الوجود المطلق والخالق، والعالم، ثم وجود طارئ ذو طبيعة غير محددة مرتبط بالحقيقة الخالدة وهو أصل المادة والطبيعة الخاصة للعالم. وهو يمثل الحقيقة العامة والكلية لكل الحقائق. والإنسان بالمثل هو خلق يمثل رابطة أو منزلة وسط، ويجمع بين الحقيقة القدسية والعالم المخلوق. أو "برزخ" بين الحقيقة الربانية والعالم، وهو خليفة [اللَّه] والروح الحيوانية له هى من نفحة قدسية وأما روحه العاقلة (النفس الناطقة) فهى من "النفس الكلية". أما الجسد فهو من المادة الأرضية. وموقع الإنسان كخليفة للَّه تأتى من هذه النفس الكلية التى لها أكثر من اسم، منها "الروح القدس" و"عالم الأمر" والخليفة، والمخلوق الكامل.