عربية نعرفها- فتقدم لنا دلائل واضحة على أن مجراه المتعرج كان حقيقة معروفة وهذه الخريطة موجودة اليوم فى متحف ستراسبورج وتاريخها هو ٤٢٨ هـ/ ١٠٣٧ م وهى منتزعة من كتاب صورة الأرض للخوارزمى الذى يقدم لنا ومن بعده سُهراب (ابن سيرابيون) وابن يونس علامات دقيقة لخطوط الطول والعرض لمدن النيل. وتعرف كل المصادر العربية معرفة تامة أن مجرى النيل يجرى من الجنوب إلى الشمال ونصوص ابن حوقل هى الوحيدة التى تكاد تتضمن أن النيل كان يصل إلى الفسطاط من الجنوب الشرقى.
أما دلتا النيل فتبدأ من شمال الفسطاط حيث تتسع المسافة بين سلسلتين من الجبال التى تقل فى الارتفاع كلما انحدرت إلى الصحراء ويكون هذا الانحدار تدريجيا، كما كانت إلى أدنى الفسطاط مباشرة بداية القناة التى حفرها "عمرو بن العاص" لتربط النيل بالبحر الأحمر.
وقد شقت هذه القناة (التى عرفت بخليج مصر - أو خليج أمير المؤمنين) فى عام ٢٣ هـ/ ٦٤٤ م حسب رواية محمد بن يوسف الكندى (وذكرها المقريزى فى "الخطط" طبعة بولاق، وياقوت) وكانت تحمل المؤن إلى الحجاز حتى عهد "عمر بن العزيز" وقد أهملت بعد ذلك، بل إن الخليفة المنصور أمر بسدّها إلى أن انتهت فى القرن الرابع الهجرى/ العاشر الميلادى عند "ذنب التمساح" فى البحيرات التى تقع إلى الشمال من القلزم (المسعودى - المروج). وعلى اثنى عشر ميلا شمالى الفسطاط بدأ الفرعان الرئيسيان للنيل فى الدلتا، وكان لهما -كما هو الحال الآن- تفريعات كثيرة كانت تتصل فى طرق كثيرة وتنتهى فى معظمها فى البحيرات الكبيرة التى تمتد خلف ساحل البحر من الغرب إلى الشرق وكان يطلق على هذه البحيرات فى العصور الوسيطة بحيرة مريوط (خلف الاسكندرية)، وبحيرة ادكو، وبحيرة البرلس "أو بحيرة البوشتيم" وبحيرة تنيس الشديدة الاتساع التى كانت تضم عددا كبيرا من الجزر أهمها تنيس. أما