الرشوة). وفى محاولة للتمييز بينها وبين الكلمات التى تؤدى نفس المعنى تقريبًا، دون سند من أصل لغوى، قيل إن الهبة تكون ممن هو أعلى لمن هو أدنى، ومن ثم تنسب للَّه بالنسبة للإنسان. أما الهدية فتتضمن معنى محاولة شخص فى درجة اجتماعية أقل لأن يتودد لشخص فى درجة أعلى (وهى بذلك لا يمكن أن تستخدم فى العلاقة مع اللَّه، "الفروق اللغوية"، أبو هلال العسكرى، القاهرة ١٣٥٣ هـ، ومع ذلك، فابن قتيبة لا يرى فروقا اجتماعية متعلقة بالهدية، "عيون الأخبار" طبعة القاهرة، ١٩٤٦ م). أما الغرض من الإعطاء فيبدو من الاستخدامات اللغوية، ومن ثم ففى العربية الجذر م. ن. ن. (منّ، منّا) يقصد به إلحاح من المعطى على تذكير المعطى له بفضله، الأمر الذى يحذر منه القرآن الكريم.
والكرم من الشيم المعتبرة ومن الفضائل قبل الإسلام والتى من الطبيعى أن تكون تعبيرًا عن الضيافة وقد أبقاه الإسلام كعادة يجدر اعتبارها وعلى ذلك فيجب الأخذ فى الاعتبار قدر المهدى له وقدر الهدية، حتى تكون معبرة عن السخاء. ولا تفتأ قصص الكرماء تثير الإعجاب لدى القراء المسلمين، خاصة حينما تقابل بقصص البخلاء. وعلاوة على ذلك فالإسلام قد أدخل معنى "الصدقة"، لتجمع بين مفهوم الكرم كما عرف قبل الإسلام، مع مفهوم التعاطف مع حاجة المتلقى لتكون فضيلة من أكبر الفضائل.
والهدايا بين المتساوين تعتبر من دعائم الصداقة، وهى محبذة دينيا لذلك، كما تقدم فى مناسبات كالأعياد والمناسبات الشخصية المفرحة، وكثيرا ما كانت تصاحب بقطع شعرية أو نثرية، منها ما خلده الأدب.
وفضلا عن هذا الاستخدام للهدايا، فى مجال الكرم والصداقة فهى تقدم من أو إلى أصحاب المناصب لأغراض سياسية. فكلما ارتفع المنصب السياسى، زاد التوقع من صاحبه أن يضمن ولاء أتباعه بما يغدقه عليهم. ومن ثم فإن الهدايا الثمينة من الخلفاء للوزراء كان علامة على قوة السيطرة