مكرمة وإلحاق كل نقيصة أخلاقية بالمهجو فى حقهم، دون الخوض فى العيوب الجسمانية، أو -عند البعض- قلة العدد. كما يرفض البعض أن يكون الهجاء فاحشا مستشهدين بقول أبى عمرو بن العلاء:"أفضل الهجاء ما يمكن أن ترويه فتاة دون أن يخدش حياءها" على أن ابن رشيق يرى أن الأمر هو مناسبة المقام، وإن كان يفضل ما كان متحفظا مبنيا على الإيحاءات اللطيفة دون المعتمد على التأكيدات المبالغ فيها. وفى الأندلس حيث كانت القيم الشرقية مراعاة بأمانة، نجد ابن بسام يرفض أن يضمن مقتطفاته الأدبية الهجاء كى لا يفسدها على حد قوله. ولكن معاصروه مثل الفتح بن خاقان لم يتورعوا عن مهاجمة رفقائهم ولكن فى حدود اللياقة والأدب.
أما عن ناحية الخصائص الأسلوبية فلغة الهجاء سهلة واضحة، عدا بعض المقتطفات التى يؤدى ما بها من الخيال إلى بعض الغموض.
ولما كان الهجاء شعريا فى نشأته، فليس لنا أن نتوقع قطعة نثرية تعالجه. ولكننا فى القرن الثالث الهجرى نشهد بعض القطع النثرية التى تناولت هذا الغرض الأدبى، فنجد الجاحظ يضمن كتابه "التربيع والتدوير" نصوصا لاذعة على أرقى مستوى، أو يرسم صورة ساخرة لمحمد بن الجهم البرمكى، أو يداعب بعضا من أصدقائه فى "الرسائل" بعبارات فكهة دون قصد سيئ. وفى القرن التالى نجد أبا حيان التوحيدى، خليفة الجاحظ، يطور هذا الفن فى كتابه "مثالب الوزيرين" وفى القرن الخامس الهجرى/ الحادى عشر الميلادى قام الشاعر والكاتب الأندلسى ابن شهيد برسم صور ساخرة غاية فى العذوبة، نجد فيها فنا أدبيا راقيا لا علاقة له بما ذكرناه سابقا. ولعلنا نشير هنا للـ "مقامات" التى تحتوى بدورها على صور ساخرة رائعة.
وكون الهجاء ينتمى للأدب الكلاسيكى لم يمنع بقاءه إلى يومنا هذا، ليس فقط فى أشعار العامية. إلا أن موضوع الهجاء قد تغير جذريا، فنجده موجها ضد المحتلين، والحكومات، والأحزاب المعارضة، بالإضافة إلى تحريم الفحش والبذاءة.