فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا}. وقضى الاثنان ثلاثة أيام فى كهف، ثم صاحبهما عامر بن فهيرة، أحد عتقاء أبى بكر، وأعرابى كدليل، ممتطين راحلتين واتخذوا طريقا غير مألوف للمدينة، فوصلوا قباء فى ١٢ ربيع الأول (طبقا لرواية ابن إسحق الموافق ٢٤ سبتمبر ٦٢٢ م والسبب فى اضطرار محمد [-صلى اللَّه عليه وسلم-] للاختفاء أثناء الرحلة غالبا أنه فقد جوار نوفل بخروجه من مكة. وهو فى طريق الوصول إلى المدينة لن يكون فى حماية أتباعه فى المدينة.
وفى الوثيقة التى تسمى أحيانا بدستور المدينة فإن هؤلاء الذين قاموا بالهجرة يسمون بالمهاجرين، ولهم وضع موحد فى مقابل الأنصار فى المدينة.
وقد أصبح للمهاجرين فى المدينة وضع متميز وأحيانا ما كان يخول أولوية فى العطاء [لم يذكر الباحث أن هذا كان بسبب فقد المهاجرين أموالهم بسبب الهجرة]. وأحيانا كان وضع المهاجرين يعطى لمن لم يهاجر بالفعل من مكة للمدينة، فعد من فئة المهاجرين الأعراب الذين عقدوا مع الرسول [-صلى اللَّه عليه وسلم-]"بيعة الهجرة" واستقروا معه فى المدينة كموالى له. وهؤلاء الذين هاجروا للحبشة سنة ٦١٥ م ثم عادوا قبل هجرة الرسول [-صلى اللَّه عليه وسلم-] لمكة ثم هاجروا معه يسمون "ذوو هجرتين" كما أن قبيلة مزينة قد اعتبرت من المهاجرين دون استقرارهم فى المدينة، وهو نفس الأمر مع أسلم وخزاعة.
هذا وقد اعتبر نافع بن الأزرق، زعيم الخوارج الأزارقة، أتباعه هم المسلمون الحقيقيون وسماهم "المهاجرون"، وهم من صاحبه فى معسكره الذى سماه "دار الهجرة".
ويؤرخ المسلمون بالهجرة، وهو ما يميز بالحرفين A.H. (= ANNO HEGIRAE) ولا يطابق ذلك يوم وصول محمد [-صلى اللَّه عليه وسلم-] للمدينة، ولكن أول يوم فى السنة القمرية التى حدثت فيها هذه الحادثة وهو ما يقابل ١٦ يوليو ٦٢٢ م، وإن كان ذلك ليس مؤكدا تماما.