"الأشراف" لكثرة من قتل بها من وجوه العرب، ولم يكد هشام يسمع بخبر هذه الهزيمة حتى بعث من بلاد الشام جيشا آخر بقيادة كلثوم بن عياض الذى قتله البربر على شواطئ "سيبو" بينما نجح "بلج" ابن أخى كلثوم فى الوصول ببقايا جيشه إلى سبته ثم عبر البحر إلى أسبانيا، وبذلك عمّت الفوضى والخراب المغرب كله وتأججت فيه نيران الفتنة، وألقى على عاتق حنظلة بن صفوان الكلبى (الوالى الجديد الذى أرسله هشام أن يعيد الأمور إلى نصابها وذلك فى وقعة "الأصنام" قرب القيروان سنة ١٢٤ هـ (= ٧٤٢ م) وأن يحتفظ بما يمكن الاحتفاظ به من الهيبة العربية والقوة الأموية فى أفريقيا، ولم تعد سلطة خلفاء دمشق (وكذلك بغداد فيما بعد) تتجاوز وراء الجزائر الحالية، وانتقلت الإضطرابات من المغرب إلى ولاية أسبانيا الجديدة التى كان حكامها مسئولين أمام ولاة أفريقية، فى الوقت الذى وصلت قبله (سنة ٧٣٢ م) حملات عرب الأندلس إلى ما وراء البرانس حيث جرت وقعة بواتييه التى قتل فيها عبد الرحمن الغافقى) ثم رجع العرب بعد سنة ١٢٢ هـ (= ٧٤٠ م) يبددون قواهم فى صراعاتهم الداخلية بين بعضهم، وزاد من خطورة الوضع وصول الشاميين بقيادة بلج ولم ينته هذا الوضع إلّا بقيام الإمارة الأموية" تحت حكم أحد أقارب هشام الذى كان قد فرّ إلى الغرب بعد تحطيم الدولة الأموية.
وقد لا يكون من اليسير أن نفرّق بين الدور الذى لعبه الحاكم بنفسه والذى كان يعيش خلاله على بعد أميال طويلة ويقتصر عمله فيه على تولية الولاة وعزلهم، ولكن قد يمكن أن نلاحظ بعض الظواهر الخاصة التى يمكن أن ننسبها إلى السلطة المركزية العليا فى الدولة، وربما كان هشام بن عبد الملك مدركا لهذا الخطر ومن ثم كان اختياره رهطا من مساعديه الاكفاء المخلصين لمواجهة هذا الخطر وتمثل هذا فى اتخاذه سياسة الموازنة بين القبائل المختلفة المتصارعة وهى قبائل مضر واليمينية، فقد استعمل كليهما فى وظائف الحكومة لما فيه صالح الدولة، ويُرجع بعض العلماء أمثال هـ أ. جب