متأصلة: خاصة وأنها تشير بكل ما فى الكلمة من معنى إلى المادة الأولى، الهيولى الأولى (المصدر نفسه ص ٨٤ - ٨٥، ص ٨٢).
وهكذا ففى مقابل نظرية نشأة الأكوان الاسماعيلية، نجد عند الفلاسفة (إلى حد ما عند الأفلاطونية والأفلاطونية المحدثة) نوعًا من انتقاض قيمة الهيولى (أو المادة). فالفارابى فى مقالته فى معانى العقل، يسمى المادة الأولية (هنا المادة الأولى)"بأساس الأشياء"(نشرها ديتريص، فيلو، ابهاند، ليدن، ١٨٩٠، ص ٤٦) فى وصفه لسلسلة الصعود الأنطولوجى (المصدر نفسه) ينبثق عن أدنى المراتب التى هى المادة الأولية، إلى المرتبة الثانية التى تمثلها الطبيعة. هذه "صورة مادية كامنة فى المواد الأولية". وإذن فهذا اتفاق فى تعبير واحد عن المصدرين العربى واليونانى. فأعلى مراتب الموجودات يرتفع عن الموجودات المختلفة (أى ينفصل عن أى مادة).
المادة هى المكان أو الوعاء (محل) الصورة. يقول ابن سينا:"إذا كانت المادة بذاتها وعاء بدون أى تركيب، فإنها تسمى مادة أولية صرف أو الهيولى المطلقة"(النجاة، ص ٣٠٠)، فالهيولى أو المادة) والصورة نقيضها المتلازم هما المصطلحين المستخدمين للتعبير عن الشئ المادى الأرسطوطاليسى أو بالأحرى الشئ المادى المعاد تركيبه فى رسائل الأفلاطونية المحدثة. فالمادة توجد من أجل الصورة، وفى الموجودات المادية الصورة لأجل المادة (انظر الفارابى، المدينة الفاضلة، نشرها دميتريص، ليدن ١٨٩٥، ص ٢٠ - ٢١؛ المصطلح المستخدم هو المادة، ولكن فى مثال واحد، المادة والهيولى متشابهين فى رسالة معانى العقل، ص ٤٦).
وفى سياق آخر يؤكد ابن سينا على أن تفاعل المادة والصورة يعطى الأولية للصورة. "فمن الخطأ القول بأن المادة هى بطريقة ما سبب الصورة. فالصورة بمفردها بواسطة أى مادة توجد بالضرورة". (الشفاء، الإلهيات، ص ٨٥) ويستتبع ذلك القول بأن الصورة سابقة على المادة (هيولى)؛ وليس أنها دائما توجد بالقوة من ذاتها، بل