يوجد هناك منها عدد بمثل هذه الكثرة. وفى استانبول مكان يعرف باسم "بك برديرك" أى "الألف العمود وعمود"، ولكن لا يقوم فيها إلا عدة عشرات منها. والجناس الحرفى التركى "بك بر" يشير إلى الأصل فى المصطلح الفارسى "هزاريك" أى "١٠٠١" وإلى عنوان "ألف ليلة وليلة". وقد كانت فارس والجزيرة والشام وغيرها من بلاد الإسلام الشرقية واقعة تحت نفوذ الترك، ومن ثم فإن العنوان "ألف ليلة وليلة" كان مدلوله فى أول الأمر لا يتعدى "عدد كبير من الليالى"، ولكن حدث من بعد أن أخذ بمدلول العنوان الحرفى وأصبح من المحتم اضافة عدد كبير من الحكايات إلى الكتاب ليبلغ عدد الليالى الف ليلة وليلة.
العناصر المختلفة الداخلة فى تكوين الكتاب:
إذا سلمنا إذن بأن الهند وفارس والجزيرة ومصر، والأتراك بوجه من الوجوه، كانت لهم مشاركة فى أصل الليالى فإننا يجب أن نذهب إلى أن مواد مستقاة من جميع هذه البلاد والشعوب تدخل فى هذه الليالى. وأول المقاييس الخارجية الدالة على ذلك هى أسماء الأعلام. فثمة أسماء هندية مثل السندباد، وأسماء تركية مثل على بابا وخاتون؛ أما الأسماء: شهر زاد ودينازاد (دنيازاد) وشاه زمان فأسماء فارسية وهى ترد، كما بين ده غويه، فى الأساطير الفارسية. وكذلك بهرام ورستم واردشير وشابور (سابور) وكثير غيرها فإنها فارسية. ومع ذلك فإن أغلب الأسماء عربية: منها أسماء عربية قديمة كانت تستعمل بين البدو، ومنها أسماء إسلامية متأخرة. وترد الأسماء الرومية والأوروبية فى حالات قليلة، وذلك فى القصص التى تتناول الصلات بين المسلمين والبوزنطيين (الروم) والفرنجة. وتشير الأسماء المصرية إلى أماكن وإلى شهور بصيغتها القبطية. أما الأسماء العبرية فيذكر منها بصفة خاصة سليمان وداود، وكلاهما له شأن هام فى الأخبار الإسلامية، وعلاوة على هذين يذكر آصف وبرخيا وبلوقيا وغيرهم. ولكن يجب ألا تعول تعويلًا كبيراً على الأسماء لأن الكثير جدًا من قصص الكتاب تغير فيها الأسماء إلى أشخاص آخرين، كما يحدث كثيرًا أن يكون لأشخاص غير مسمين دور فيها.