من الموقع الذى أسست فيه واسط فيما بعد، وكانت هذه المدينة الساسانية -واسمها كسكر- تقع على الشاطئ الشرقى للنهر. وقد تكلف إنشاء واسط مبالغ طائلة وتم إنشاء قصر للحجاج كانت تعلوه قبة خضراء، وقد حذا الخليفة المنصور العباسى -فيما بعد- حذو قصر القبة الخضراء هذا عندما شيد قصره فى بغداد بل وسمّى قصره بالاسم نفسه (قصر القبة الخضراء). وأسس الحجاج إلى جوار قصره مسجدا جامعا، وفعل الخليفة العباسى آنف الذكر -فيما بعد- الفعل نفسه.
ولابد أن نذكر أنه من بين المبانى التى أنشأها الحجاج فى واسط ذلك السجن الكبير الذى أطلق عليه سجن الديماس Dimas والكلمة يونانية وتعنى السجن. وقد مات الحجاج فى سنة ٩٥ هـ/ ٧١٤ م بواسط ودفن بها. وفى بداية الأمر لم يكن الحجاج يسمح إلا للعرب بسكنى مدينته الجديدة هذه، وكان يفضل الشوام بطبيعة الحال، لكنه بعد ذلك وطّن فيها أتراك ما وراء النهر، خاصة الذين ترجع أصولهم إلى بخارا الذين كانوا يقيمون فى البصرة. وبعد وفاة الحجاج سُمح للسكان الآراميين من أهل البلاد وللفرس بالقدوم لواسط والاستقرار بها، وبمرور الوقت اختلطت الأعراق المختلفة، وأصبحت واسط العربية وكسكر -بالتدريج مدينة واحدة ربطت بينها المصالح السياسية والاقتصادية.
وطوال عهد الدولة الأموية كانت واسط هى أهم مدن العراق وبها مقر الوالى وحكومته إلا أن الأمر اختلف فى السنوات الأخيرة من الحكم الأموى فلما سيطر العباسيون انتهى العصر الذهبى لواسط كمركز للحكم لكنها لم تفقد أهميتها بسبب موقعها الاستراتيجى الخطير، فقد ظلت تلعب دورا مهما فى التازيخ السياسى والعسكرى للعراق الأوسط والجنوبى خاصة بالنسبة لمنطقتى البطيحة وميسان. ولقد لعبت واسط فى القرن الخامس عشر للميلاد دورا مهما بسبب نشاط أسرة المشعشع، لكن المدينة بدأت فى الانهيار تدريجيا بعد هذا القرن (الخامس عشر) نتيجة تغيير توزيع المياه بين ذراعى