يعد من أعقد المسائل كما أن من أهم القضايا التى شغل المؤلفون فى مضمار الجغرافيا التاريخية فى العصور الوسيطة أنفسهم بها. فنحن نعرف بشكل محدد أن واسط كسكر، وهى المدينة التوأم لواسط العظمى تقع على شاطئ دجلة المواجه لها، وكل الجغرافيين العرب من القرن التاسع إلى القرن الثالث عشر يوافقون على ذلك، فلابد إذن لتحديد موقع واسط العظمى أن نعرف مجرى نهر دجلة فى العصور الوسطى، ولابد من الإشارة إلى أن فرع دجلة الذى كانت تقع عليه واسط قد بدأ يتضاءل تدريجيا منذ القرن الخامس عشر ليصبح فرعا ثانويا لأن كم المياه الضخم كان قد بدأ يتحول تدريجيا أدنى كوت العمارة إلى المجرى الشرقى فأصبح بالتالى -هو المجرى الأدنى الحقيقى لنهر دجلة. وعلى هذا فإن شط الحيى (وهو شط الغرّاف) الذى يتفرع عند كوت العمارة إلى الجنوب الشرقى من المجرى الرئيسى هو -كما يقال عادة- كان هو المجرى الرئيسى لنهر دجلة فى العصور الوسطى، وهو يتشعب مرة أخرى إلى الأدنى من كوت الحيى إلى فرعين أحدهما يطلق عليه الآن أبى جهيرات وهو الفرع العامر بالمياه، وثانيها وهو الذى يقع ناحية الشرق يسمى شط الأعمى، ويتحد الفرعان مرة أخرى عند قرية الشيخ خضر (بفتح الخاء) أو خضير (بكسر الخاء) ويكون بينهما جزيرة يبلغ طولها ثلاثين ميلا تسمى -على الخرائط- جزيرة الهيرات، ويقول الباحث هرز فلد Herz feld أن شط الحيى تشكل مشكلة كبيرة فى جغرافية العراق القديم فهل هو نهر دجلة الوسيط (فى العصور الوسطى) حقا أم مجرد فرع ثانوى؟ ربما كان علينا أن ننظر إليه كقناة تم حفرها فى العصور القديمة لربط دجلة بالفرات. والقليل الذى قدمه لنا الرحالة الأوروبيون عن بقايا (خرائب) واسط يناقض القول بأنها كانت تقع على شاطئ فرع شط الحيى، وبالتالى تتناسى النظرية القائلة بأن شط الحيى كان هو المجرى الرئيسى لدجلة فى العصور الوسطى.
ولسوء الحظ فإن قناة شط الحيى والنظام النهرى للفرع الذى يحمل