بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ} ويعد اللَّه سبحانه المحافظين على أماناتهم بالجنة ففى سورة المؤمنون، آية ٨ يعددهم اللَّه من بين الذين يرثون الفردوس {وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ} وتكررت الآية نفسها فى سورة المعارج، آية ٣٢. وتكرار هذه الآيات يبين لنا كيف أن العرب المشركين لم يكونوا يحترمون مواثيقهم ولا عهودهم وأنهم لا ينفذونها إلا على مضض، وقد استشهد الفقهاء المسلمون المتأخرون بجزء من الآية الكريمة رقم ٢ فى سورة المائدة {. . . وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} ليؤكدوا رأيهم بأن التعاقد عند استيداع الوديعة أمر مستحب.
وقد أكد الحديث الشريف على ضرورة أن يؤدى الذى اؤتمن أمانته، ومن كانت عنده أمانة فليؤدها (مسند أحمد ٥، ٧٢)"ولا تجتمع الخيانة والأمانة معا"(مسند أحمد ٣، ٢٤٦)"فإذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة"(البخارى، علم ٣)"أنه أمركم بالصلاة. . . وأداء الأمانة"(البخارى، شهادات، ٣٨)"أدّ الأمانة إلى من ائتمنك"(البخارى)"لا إيمان لمن لا أمانة لهُ"(مسند أحمد) وقد بلغت الأحاديث التى تحض على الأمانة بشكل مباشر فى الست الصحاح ومسند أحمد أكثر من سبعين حديثا، وهناك خلاف حول وجود التعويض إن ضاعت الأمانة من المؤتمن أو تلفت منه، هل يجب عليه دفع تعويض أم لا.
وقد تعرضت كتب الفقه بالتفصيل لموضوع الوديعة وأنها بمثابة عقد أو أن العقد فيها جائز وأنه يمكن -ببساطة- فسخ العقد بين الطرفين المتعاقدين فى أى وقت وفقا لرغبة أى طرف، وهناك شروط (أو أركان) لمثل هذا العقد فلا يجب أن يكون المودع (بكسر الدال) والمودع لديه (بفتح الدال) قاصرا أو مجنونا أو سفيها أو مبذرا وإذا أراد صغير أن يترك شيئًا عند كبير فهذا ليس (وديعة) وإنما (أمانة)، ويصاغ العقد فى حال الوديعة بصيغة تفيد الإيجاب والقبول، ولا يجب أن تكون الوديعة مالا نجسا ولا يحق للمودع (بكسر الدال) طلب تعويض أن تلفت وديعته قضاء وقدرا دون تعد أو إهمال من المودع لديه أو كان المودع لديه غير قادر على منع تلفها، وتفيض كتب الفقه