(٢) وهو قوله: «إن صلاتنا هذه لا يصلح فيها شيء من كلام الآدميين» ، والمراد من عدم الصلاحية عدم صحتها، ومن الكلام مكالمة الناس ومخاطبتهم كما هو صريح في سبب الحديث، وقال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على أن من تكلم في صلاته عامدًا وهو لا يريد إصلاح شيء من أمرها أن صلاته فاسدة، وقال شيخ الإسلام: هذا مما اتفق عليه المسلمون اهـ، والعامد من يعلم أنه في صلاة، وأن الكلام محرم، والكلام لغة اسم لما يتكلم به، وفي اصطلاح الفقهاء حرفان فصاعدا، وقال شيخ الإسلام، لا بد فيه من لفظ دال على المعنى، دلالة وضعية تعرف بالعقل. (٣) أما الإمام وغيره في ذلك فسواء، والكلام العمد لغير مصلحتها تقدم الإجماع عليه لتظاهر الأدلة على ذلك، وأما الكلام سهوًا أو جهلاً فعلى الصحيح من المذهب، وعنه لا يبطلها، وفاقا لمالك والشافعي وجمهور العلماء من السلف والخلف، وجميع أئمة المحدثين، واختاره أبو البركات وابن الجوزي والناظم والشيخ وغيرهم، لقصة ذي اليدين، وهي في الصحيحين وغيرهما من طرق، فإن كلامه صلى الله عليه وسلم وكلام أصحابه لمصلحة الصلاة، وعلى سبيل السهو، ولا فرق بين الجاهل بالتحريم أو الإبطال والناسي، لحديث معاوية بن الحكم حين تكلم في صلاته، ولم يأمره بالإعادة رواه مسلم، وكان في آخر الأمر، قال النووي وتأويل الحديث صعب على من أبطلها اهـ ولو نام قائمًا أو قاعدًا نوما يسيرا فتكلم، أو سبق على لسانه حال قراءته كلمة من غير القرآن لم تبطل وفاقًا، والطائع اسم فاعل ضد المكره، والمكره المجبور، واختار القاضي وغيره أنه أولى بالعفو من الناسي، والصحيح عن الشافعية وغيرهم لا تبطل بهذه الأنواع.