للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

العبارات التى تطلق على ذات الله المنزهة ولكنها تدل على الذم إذا أطلقت على الأفراد، إذ هم لا يشاطرونه صفة التنزه. والفه هو الرافع المعز المذل المانع النافع المؤخر المقدم القابض الباسط الضار. ومن الواضح أن هذه الأسماء الأخيرة لم ترد صفات فى القرآن ولكن مصادرها كثيرًا ما تقرن باسم الله.

هـ - صلة الله بالإنسان:

يأتى بعد ذلك الكلام عن الله وصلته بالإنسان. فالله هو الرحمن الرحيم، وهاتان الصفتان أكثر الصفات شيوعًا، وتردان فى بداية كل السور إلا واحدة. وكان محمدًا - صلى الله عليه وسلم - فى وقت ما يستعمل صفة "الرحمن" اسم علم مرادف لكلمة "الله". واعتبر أهل مكة ذلك من مبتكراته (انظر خبر صلح الحديبية وما جاء فيه من أن أهل مكة رفضوا الصيغة التى تضمنت الرحمن الرحيم، وتمسكوا بالصيغة المكية القديمة "باسمك اللهم"؛ انظر تفسير البيضاوى لسورة الفتح الآية ٢٦؛ ابن هشام، طبعة فستنفلد، ج ١. ص ٧٤٧).

ويظهر أن محمدًا [- صلى الله عليه وسلم -] قد أخذ هذه الصيغة عن جنوبى بلاد العرب (١) (انظر بحث مورتمان وميلرَ Mordtmann Weiner Zeitschr. F. die فى & d. Muller Kunde d Morgeni , ج ١٠، ص ٢٨٥ وما بعدها). على أن محمدًا [- صلى الله عليه وسلم -] لم يكن يريد من هذه العبارة صيغتها فحسب، بل كان يريد منها الإفصاح عن تلك الفكرة التى كانت من بين الأفكار التى شغلت باله أكثر من غيرها، والتى تمثل الإنسان بين يدى الله باديًا


(١) الذى يفهم من كلام الكاتب أنه يريد أن البسملة كلها اقتبست فى ظنه من جنوبى الجزيرة، يعنى اليمن، وهذا خطأ ظاهر، ولا دليل عليه أصلا، وإنما الذى اوجب عنده شيئًا من الشبهة أنه رأى فى بعض النقول أن أهل اليمامة أطلقوا لفظ "رحمان" على المتنبى الكاذب مسيلمة، فقالوا "رحمان اليمامة" كما فى أول تفسير الكشاف وغيره من الكتب، ولكن هذه الشبهة ضعيفة جدًا، لأن مسيلمة إنما ادعى النبوة فى أواخر حياة النبى صلى الله عليه وسلم، فاراد أتباعه أن يعظموه بهذا الوصف غلوا فى الكفر، وقد أخذوا هم هذا الوصف عن القرآن، ولم يثبت سماع هذه الكلمة قبل ورودها فى القرآن.
محمد حامد الفقى