بتفوق الجيش المصرى، ومواهب إبراهيم فى القيادة، وحنكته السياسية التى نجحت فى توحيد صفوف الشآميين تحت راية واحدة بحجة تحريرهم من النير التركى، واكتساب الأمير بشير اللبنانى صاحب النفوذ الواسع. وتقدم إبراهيم حتى بلغ كوتاهية وهناك فى ٣ مايو عام ١٨٣٣ عقدت معاهدة بين الباب العالى ومحمد على نزل له فيها عن الشام وأذنة، ولم يكن إبرام هذه المعاهدة بمنجاة من ضغط الدول الأوروبية، ومنح السلطان إبراهيم باشا لقب محصل أذنة. وقد وكل إليه أبوه إدارة الولايات الجديدة، ولم يكن ذلك بالأمر الهين لاختلاف طبائع السكان. ومع أن هؤلاء كانوا مجمعين على النفور من الحكم التركى، فإن النظام الصارم الذى أدخله إبراهيم لم يرقهم أيضًا، وكانت النتيجة أن شبت الفتن فى كل مكان، ولكن إبراهيم نجح بعض النجاح فى قمع تلك الفتن مستعينًا فى ذلك بمصادرة السلاح فى جميع أنحاء البلاد، ونتج عن تجنيد السكان أن هاجر العدد الكبير منهم إلى آسية الصغرى وبلاد ما بين النهرين، كما أدى الاستيلاء على الدواب للأغراض الحربية إلى اضمحلال الزراعة والتجارة. ومع أن النظام كان يسود البلاد فإن التذمر كان عظيمًا جدًا.
ولما استأنفت تركية الحرب عام ١٨٣٩ نال إبراهيم نصرًا حاسمًا على الجيش التركى الذى كان يقوده حافظ باشا عند نصيبين غربى (بيره جك) وانحاز فوزى باشا بالأسطول التركى إلى محمد على ولكن الموقف تغير لتدخل الدول الأوربية التى أدت مفاوضاتها إلى إبرام معاهدة لندن فى الخامس عشر من يولية عام ١٨٤٠ (ويسمى هذا بالحلف الرباعى) وكان محمد على يأمل فى الحصول على مساعدة الفرنسيين له فرفض إخلاء الشام حتى عكا، كما رفض الاكتفاء بولاية مصر وجعلها وراثية يتولاها أبناؤه من بعده. ولكن فرنسا لم تمد له يدًا، وضربت أساطيل الحلفاء نطاقا حول شواطن الشام ومصر. وكان إبراهيم فى موقف حرج بين جيوش الحلفاء النازلة إلى البر وبين أهالى لبنان المعادين الذين أثيروا عليه. وبعد أن استولى ناببر Napier أمير البحر الإنجليزى على عكا وبعد مفاوضاته مع