بسنوات قلائل، وقتل ملكها وأقام عليها حاكما ألعوبة فى يده اسمه إسمفايوس (سميفع فى النقوش) ثم عاد إلى الحبشة. وحدث من بعد أن أولئك الأحباش الفارين من جيشة الذين بقوا فى بلاد العرب الجنوبية قد انتقضوا على إسمفايوس ونصبوا على العرش أبرهة الذى كان فى أصله مولى لتاجر رومى (بوزنطى) من أدوليس. وأنفذ هلسثياوس حملتين على العصاة باءتا بالخيبة، واحتفظ أبرهة بالعرش.
وحاول يوستنيانوس مرات أن يغرى أبرهة بالهجوم على الفرس، فلم يفز منه بطائل، ذلك أنه إنما سار بعض الطريق شمالا ثم ارتد. وظل أبرهة يرفض أداء الجزية للحبشة طيلة حياة هلسثياوس، ولكنه رضى بأن يؤديها لخلفه. ومصدرنا العمدة فى النقوش هو نقش أبرهة الطويل على سد مأرب (Corpus inscr. sem جـ ٤، ص ٥٤١). ويسجل هذا النقش: إخماد فتنة أيدها ابن للملك المخلوع إسمفايوس سنة ٦٥٧ من التاريخ السبئى (بين سنتى ٦٤٠ و ٦٥٠ م)؛ وإصلاحات للسد أجريت فى أخريات هذه السنة؛ واستقبال بعثات سياسية من الحبشة وبوزنطة، وفارس، والحيرة، ومن قبل الحارث بن جبلة شيخ العرب؛ وإتمام إصلاحات السد فى السنة التى تليها. وثمة نص آخر (Ryckmans)، ص ٥٠٦، انظر La Museon، سنة ١٩٥٣، ص ٢٧٥ - ٢٨٤) اكتشف فى "مريغان" شرقى الوادى الأعلى "تثلث"، يسجل هزيمة ألحقها أبرهة بقبيلة مَعَدّ من عرب الشمال سنة ٦٦٢ من التأريخ السبئي. ويبدأ نص مأرب كما يلي:"بفضل قدرة الله وكرمه ورحمته ومسيحه والروح القدس (رح قدس) ". ولعل مما يدل على التفريق الطائفى أن إسمفايوس الذى كان بلا شك من القائلين بالطبيعة الواحدة مثل مولاه الحبشى، قد استعمل صيغة أخرى غير هذه:"باسم الله وابنه المسيح الظافر والروح القدس (نفس قدس) "، ومن الجائز أن أبرهة كانت له ميول نسطورية. واللقب الذى اتخذه أبرهة مطابق للقب أسلافه المباشرين وهو:"ملك سبأ وريدان وحضر موت ويمنات وعرب النجاد وعرب السهول"، ولكنه يلقب نفسه فى