نص مأرب بلقب آخر إلى جانب ذلك وهو "عزلى ملكن أكعزين"، ولا نجد كلمة عزلى فى غير هذا النص، ولم يهتد أحد بعد إلى تفسير مرض لهذه العبارة. وقول كونتى روستينى Conti- Rossini بأن معناها هو: "الملك الشجاع من (قبيلة) أكعزى" بعيد الاحتمال من حيث الإعراب، كما أن تفسير كليزر Glazer بأن العبارة تدل على "نائب الملك الحبشى" لا تتمشى مع الفقرة التالية من النص التى تتحدث عن أبرهة وهو يستقبل بعثة سياسية حبشية بلا تفريق فى المعاملة بينها وبين بعثة بوزنطة وبعثة فارس. أما اقتراح ريكمانز بأن تقرأ العبارة "عتلى ملكن" ومعناها "عظمة الملك" بدلا من عزلى ملكن فجدير بالنظر. ومن هنا فصاعدًا تلتزم المصادر الوثيقة الصمت فلا نجد بعد إلا القصة الواردة فى المصادر الإسلامية، والراجح أنها تدخل فى باب الأساطير، وهى تقول إن الباعث على الحملة على مكة كان هو غيرة أبرهة من معبد مكة ومحاولته أن يستبدل به كنيسة فى صنعاء فتصبح كعبة بلاد العرب جميعا. وإذا كان أبرهة قد شن حقا مثل هذه الحملة (لم يشر القرآن إلى اسم قائدها) فإننا نجد لأغراضه منها تفسيرا أقرب من ذلك إلى الاحتمال، وهو أن تقربه من الحبشة فى عهد خليفة هلسثياوس قد حمله على اصطناع سياسة حيال فارس أشد عدوانا، وأن تلك الحملة كانت المرحلة الأولى من مراحل هجوم مدبر على أملاكُ فارس. على أن الحملة ثبت فشلها، وكل ما كان لها من أثر هو أنها حملت الفرس على القيام بغزوتهم التى تمت بعد ذلك بسنوات قلائل بقيادة وَهْرِز وانتهت بتخريب مملكة بلاد العرب الجنوبية القديمة. ويؤكد كتاب Martyrium Arethae أن الذى نصب أبرهة على العرش هو الملك الحبشى إليسباس (والشائع أنه هو هلسثياوس عند بروكوبيوس) بعيد وفاة ذى نواس. وثمة مصادر كنسية أخرى، مثل كتاب Leges Homeritarum المنسوب إلى أسقف ظفار، تذكر مثل هذه الأخبار.
وهذه الرواية للحوادث التى تتضارب فى أساسها مع كل من بروكوبيوس والنقوش، يجب أن نعدها