للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

٧٤ وما بعدها) (١)، متمردا على خلق آدم ومغويا لحواء فى الجنة. ذلك أنه بعد أن خلق الله آدم من طين، ونفخ فيه من روحه أمر الملائكة أن يسجدوا له، فسجدوا إلا إبليس، إذ استكبر، وهو المخلوق من نار، أن يسجد لآدم الذى خلق من طين؛ ولذلك طرد ولعن، ولكنه توسل أن يمهل فلا ينال جزاءه إلا يوم الحساب فأجيب إلى ذلك كما جعل له سلطان يغوى به كل من لا يصدق فى إيمانه بالله من عباده. ولما كان آدم وحواء فى الجنة أغواهما إبليس فأكلا من ثمرة الشجرة. وقد جمع النبى (عليه السلام) فى هذا المقام بين قصتين مستقلتين: قصة خلق آدم، وقصة غواية حواء فى الجنة. ومن الملاحظ أن الشيطان يعرف دائما بإبليس فى قصة الخلق؛ على أنه فى قصة الجنة يعرف على الأقل بالشيطان حين لا يشار إليه بضمير. وتستند قصة إبليس إلى الروايات النصرانية، ففى الفصل الخامس عشر من "حياة آدم وحواء" (Apokryphen: Kautzsch) يروى أن ميكائيل أمر الملائكة بأن يعبدوا آدم، فاعترض إبليس بأن آدم أقل منهم شأنا وأحدث سنًا، وأبى ذلك هو وقومه فأنزلوا إلى الأرض. وقد جاء فى كتاب " Schatzhohle (٢) " (طبعة Bezold ص ١٥ وما بعدها من النص السريانى العربى) أن الله جعل لآدم سلطانا على جميع المخلوقات. ولهذا وقّره الملائكة إلا إبليس الذى ركبته الغيرة وقال: يجب أن يعبدنى أنا الذى خُلقت من نور وهواء، أما هو فقد خلق من طين، فطرد من الجنة هو وقومه، وعرف من ثم بالشيطان.

وقد نمقت الروايات الإسلامية الوصف الذى وصف به فى القرآن وزادت عليه خلالا شتى، بعضها معروف مشهور، وصادفت فى ذلك صعوبة كان عليها أولا أن تجد لها حلا، وهى أن القرآن عد إبليس من الجن كما عده أيضا من الملائكة، وكلا النوعين صنفان مختلفان من المخلوقات.


(١) يختلف عدد الآيات هنا عما فى المصحف المصرى الرسمى فآية البقرة ٣٣، والأعراف ١١ وآيات الحجر من ٢٨ والإسراء من ٦١ وآية الكهف ٥٠، وطه ١٢٠، وص ٧١.
(٢) معنى هذه الكلمة الألمانية "مخبأ الكنز". (الخولي)