ويقول الزمخشرى: إن إبليس ليس إلا "جنيا" وإن الملَك فى القرآن يطلق على الصنفين (الكشاف) تفسير الآية ١١٥ من سورة طه)؛ ولكن قيل أيضا: إن إبليس كان من رؤساء الملائكة. ويذهب آخرون إلى أن الجن كانت قبيلة من الملائكة، وإنما سموا الجن لأنهم خزّان الجنة (الطبرى، التاريخ، جـ ١، ص ٨٠)، وقد خلق هؤلاء الجن من نار السموم (سورة الحجر، الآية ٢٧) أما الملائكة فقد خلقت من نور (الطبرى: المصدر المذكور، ص ٨١). وكان الجن يسكنون أول الأمر الأرض فأفسدوا فيها وسفكوا الدماء وقتل بعضهم بعضا، فبعث الله إليهم إبليس، الذى كان يعرف آنئذ باسم عزازيل أو الحارث، فى جند من الملائكة فقاتلهم إبليس ومن معه حتى ألحقهم بأطراف الجبال. على أن روايات أخرى تقول: إن إبليس كان من الجن سكان الأرض، ثم سباه الملائكة الذين أرسلهم الله لقتال الجن العصاة وردوه إلى السماء، وكان صغيرا (المصدر المذكور، ص ٨٤). وسمى إبليس أيضا حَكَما قبل عصيانه، ذلك أن الله جعله قاضيا بين الجن فلم يزل يقضى بينهم ألف سنة، ثم دخله الكبر فألقى بذور الشقاق والاضطراب بين الجن، وظلوا على الشقاق ألف سنة أخرى، فبعث الله عند ذلك نارا أحرقتهم. ولكن إبليس لاذ بالسماء وظل عبدا مطيعا لله حتى خلق آدم (المصدر نفسه، ص ٨٥؛ المسعودى: مروج الذهب، جـ ١، ص ٥٠ وما بعدها).
على أن ثمة روايات أخرى فى استكبار إبليس؛ فيروى الطبرى (المصدر المذكور، ص ٨٣) أنه أحس بالكبر وبفضله على سائر الملائكة فقال الله له: {إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً}(سورة البقرة، الآية ٢٨)؛ ويزيد الطبرى أن إبليس كان من أشراف الملائكة يحكم الجن سكان الأرض، وكان له سلطان سماء الدنيا، ثم عصا
ربه فسماه شيطانا رجيما.
وقد جاء فى مناقشة الحديث لقصة الجنة كيف احتال إبليس ليدخل الجنة. والقول الشائع فيه، وهو قول نجده أيضا عند كتاب النصارى، أنه استعان على ذلك بالحية. وذكرت بعض المراجع أنه احتال على جميع الحيوانات فخاب سعيه؛ وتقول مراجع أخرى: إنه بدأ