من الكتب الصحيحة المعتمدة التى محصت رواياتها واقتصر فيها على الصحيح.
أما كتاب ابن جرير الطبرى فقد كان غرض مؤلفه أن يجمع الروايات التى كانت فى زمنه سواء فيها ما كان إسرائيلياً وما كان غير إسرائيلى، وترك للناظر أن ينقدها ويتخير منها الصحيح وينفى الزائف الباطل، وقد جاء العلماء بعده فخرّجوا رواياته واقتصروا منها على الصادق الصحيح.
ويكفى أن نقول هنا إن خلود الخضر وإلياس يرده قوله تعالى:"وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد". وقد اعتمد المسلمون عدم خلودهما؛ فقد أنكر البخارى أن يكون الخضر حياً وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية عنه فقال: لو كان الخضر حياً لوجب عليه أن يأتى إلى النبى [- صلى الله عليه وسلم -] ويجاهد بين يديه ويتعلم منه. وسئل إبراهيم الحربى عن بقائه فقال: من أحال على غائب لم ينتصف منه، وما ألقبى هذا بين الناس إلا الشيطان.
وقد روى مسلم فى صحيحه أن رسول الله [- صلى الله عليه وسلم -] قال قبل موته: ما من نفس منفوسة يأتى عليها مائة سنة وهى حية.
أما ما ذكروه من أن من يقول (سَرْق غَرْق حَرْق) نجا من السرقة إلخ فهذا لا أصل له عند المسلمين، وإن عقلاءهم لا يعتقدونه ولا يتعلقون بمثل هذه الوهميات، ولعلهم رأوها فى تلك الكتب العامية أو تلقفوها من ألسنة العوام.
ولقد ذكروا فى هذه المادة بعض دعاوى لم يقيموا عليها دليلا لنتمكن من مناقشته فرأينا تجردها من الدليل مغنيا لنا عن نقضها، مثال ذلك: زعمهم أنَّ محمداً حرّف اسم إلياس إلى (الياسين) فى سورة الصافات آية ١٣٠ لضرورة السجع وأن المفسرين لقوا فى تأويل ذلك كثيراً من العناء.
وليس كما زعموا، لأن إلياس اسم أعجمى والأعجمى من الأسماء قد تفعل به العرب ذلك كما تقول ميكال وميكائيل وميكائين بإبدال اللام نونا، قال الشاعر: