تسأله عن دليله على ما يقول لسكت، أو لأتى لك بكلمات جوفاء لا تنطبق على أى قاعدة علمية أو تاريخية، ثم اسأله ما علاقة العباسيين بهذا الحديث حتى يكون تاريخهم أو سيرتهم أو سياستهم دليلا على وضعه فى زعمه؟ . إن للحديث النبوى قواعد وضعها أئمة الحفاظ، وهى أوثق القواعد العلمية وأدقها فى الإثبات التاريخى، وقد احتاطوا أشد الاحتياط فى نقد رواة الأحاديث، وفى نقد ما رووه، وإنما يدرك قيمة عملهم ويستوثق منه ويطمئن إليه قلبه - من مارس قواعدهم وتشبعت نفسه منها، وصار له فيها ملكة فنية، كما يكون ذلك فى كل علم من العلوم.
وبعد: فإن الحديث الذى يجزم الكاتب بوضعه حديث صحيح جداً، اتفق على روايته البخارى ومسلم فى كتابيهما الصحيحين، وهما أصح الكتب بعد القرآن الكريم، وهما اللذان لا مطعن فى صحة حديث من أحاديثهما عند العارفين من أهل العلم، وقد رواه غيرهما أيضاً بأسانيد صحيحة. وهو حديث سؤال جبريل عليه السلام للنبى صلى الله عليه وسلم عن أمور الإسلام والإيمان وعن أشراط الساعة، وفيه أن من أشراطها "أن تلد الأمة ربها" أى تلد المملوكة سيدها. وفى شرح هذا الحديث كلام طويل، والحديث معروف لأكثر المسلمين، فقد رواه البخارى (جـ ١، ص ١٠٥. ١٥٥، فتح البارى، طبعة بولاق) من حديث أبى هريرة، ورواه مسلم أيضاً (جـ ١، ص ١٧ - ١٨) من حديث عمر بن الخطاب، ونقله النووى من حديث عمر فى الأربعين النووية، وهو الحديث الثانى منها. وعن ذلك اشتهر عند الكافة حتى العوام، وحديث أبى هريرة رواه البخارى أيضاً فى مواضع أخرى من صحيحة. ورواه أيضاً ابن ماجه، ورواه أبو داود والنسائى من حديث أبى ذر وأبى هريرة، وحديث عمر رواه أيضاً أبو داود والترمذى والنسائى وابن ماجه وأبو عوانة وابن خزيمة فى صحيحيهما، وكذلك الإمام أحمد فى مسنده والطبرانى، وقد ورد الحديث