أيضاً من رواية أنس بن مالك، رواه البزار بإسناد حسن. ومن حديث جرير بن عبد الله البجلى، رواه أبو عوانة فى صحيحه، ومن حديث ابن عباس، ومن حديث أبى عامر الأشعرى، رواهما الامام أحمد فى مسنده. وانظر تفصيل الكلام على طرقه وأسانيده فى شرح العينى على البخارى (جـ ١، ص ٢٨٣ - ٢٨٤) وفى شرح الأربعين لابن رجب (ص ١٦ - ١٧) وفى كثير من كتب السنة وشروحها. فهؤلاء الرواة الثقات والأئمة والصحابة كلهم فى نظر كاتب المادة كذابون وضّاعون، لماذا؟ . لأنه يعتقد أنهم خصوم للعباسيين.
ثم يريد الكاتب فى آخر المادة أن يوهم بأن الحديث الذى ظل إلى عصر البخارى ومسلم (منتصف القرن الثالث الهجرى) وضعه خصوم العباسيين، وأن ذلك دليل على التفرقة فى نظر المسلمين فى ذلك العصر بين أبناء الحرة وبين أبناء الأمة. وهذا رمى بالقول على عواهنه، لا يؤيده أى نص تاريخى، ولا أى نظر سليم، بل كان المسلمون -من أول الأسلام، فى عهد النبىى - صلى الله عليه وسلم -، ثم من بعده فى سائر عصور الإسلام- لا يفرقون بين أبنائهم من الحرائر والإماء، وآية ذلك أن إبراهيم كان الابن الوحيد للنبى صلى الله عليه وسلم فى أواخر حياته، وكان بهذه الصفة معززاً مكرماً، وقد حزن الرسول - صلى الله عليه وسلم - والمسلمون أشد الحزن عند موته طفلا. وأن أكثر الصحابة فى عصره وبعد عصره كان لهم أبناء من الحرائر والإماء، ولم نسمع شيئاً عن التفرقة بينهم. وانظر تراجمهم فى كتاب (الطبقات الكبير) لابن سعد تجده يذكر فى ترجمة كل صحابى أبناءه - إن كان له عقب - ويذكر أم كل واحد منهم، حرة أو أمة، على قدم المساواة، وانظر ترجمة سيد التابعين وسيد المسلمين فى عصره، وهو (زين العابدين على بن الحسين بن على بن أبى طالب) فى طبقاته ابن سعد (جـ ٥ ص ١٥٦) وفى ابن خلِّكان (جـ ١، ٤٠٣) وفى التهذيب (جـ ٧، ص ٣٠٤).