يتعلم العلوم من فلان وفلان. الثالث: أن العلوم الموجودة فى القرآن كثيرة، وتعلمها لا يتأتى إلا إذا كان المعلم فى غاية الفضل والتحقيق، فلو حصل فيهم إنسان بلغ فى التعليم والتحقيق إلى هذا الحد لكان مشارًا إليه بالأصابع فى التحقيق والتدقيق فى الدنيا! ! فكيف يمكن تحصيل هذه العلوم العالية والمباحث النفسية من عند فلان وفلان؟ ! واعلم أن الطعن فى نبوة رسول الله [- صلى الله عليه وسلم -] بأمثال هذه الكلمات الركيكة يدل على أن الحجة لرسول الله [- صلى الله عليه وسلم -] كانت ظاهرة باهرة، فإن الخصوم كانوا عاجزين عن الطعن فيها, ولأجل غاية عجزهم عدلوا إلى هذه الكلمات الركيكة".
إن محمدًا [- صلى الله عليه وسلم -]-وقد ثبت لك أنه لم يتعلم شيئًا من كتب الأديان السابقة، ولم يدرس شيئًا من العلوم والمعارف- يخبرنا عن الله سبحانه أنه يقول فى شأن النصارى وكتبهم:{وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ}[سورة المائدة، الآية ١٤]. أيمكنك أن تتصور أن هذا الأمى يحكم الحكم القاطع الصريح البين بأن النصارى نسوا الكثير مما ذكرهم به عيسى عليه السلام من نفسه ومن علمه بدون وحى من الله؟ !
إن الذى يأتى بهذا القرآن وبما فيه من تشريع تقطعت دونه أعناق الأمم وبما فيه من توحيد وتمجيد لله، وبما فيه من القصص والأخبار الصادقة، وبما فيه من المواعظ والحكم، وبما فيه من مكارم الأخلاق، هذا القرآن الذى أعجز الإنس والجن أن يأتوا بسورة من مثله، وهو الهدى ودين الحق- أقول: إن الذى يأتى بكل هذا فى كتاب واحد لن يعقل أن يكون تعلمه من كتب يحكم هو عليها بأنها محرفه مبدلة، أو كلمات يسمعها عرضًا على ألسنة بعض أهل الكتاب فى جزيرة العرب، أو نقلا عن بعض الشعراء الذين يتبعهم الغاوون، وهم فى كل واد يهيمون، وهم يقولون ما لا يفعلون.
ومن المضحك، بل مما يؤسف له، أن كاتب المقال لم يصن قلمه فى مثل هذا