مجهولة الأصل والتاريخ, بل وقع الخلاف بينهم فى مؤلفيها واللغات التى ألفوها بها. وقد بيّنا فى تفسير أول سورة آل عمران حقيقة إنجيل المسيح، وكون هذه الكتب لم تحو إلا قليلا منه، كما تحتوى السيرة النبوية عندنا على القليل من القرآن والحديث. وهذا القليل من الإنجيل قد دخله التناقض والتحريف" ثم ذكر الأدلة على ذلك تفصيلا، ثم قال (ص ٣٠١ - ٣٠٢): "فثبت بهذا البيان الوجيز صدق قول القرآن المجيد: فنسوا حظا مما ذكروا به. وثبت به أنه كلام الله ووحيه، إذ ليس هذا مما يعرف بالرأى حتى يقال إن النبى [- صلى الله عليه وسلم -] قد اهتدى إليه بعقله ونظره. كيف وقد خفى هذا عن أكثر علمائنا الأعلام عدة قرون لعدم اطلاعهم على تاريخ القوم".
وقال أيضًا فى تفسير قوله تعالى فى سورة آل عمران:{نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ}(جـ ٣، ص ١٥٨): "أما لفظ الإنجيل فهو يونانى الأصل، ومعناه البشارة، وهو يطلق عند النصارى على أربعة كتب، تعرف بالأناجيل الأربعة، وهى ما يسمونه العهد الجديد، وهو هذه الكتب الأربعة مع كتاب أعمال الرسل، أى الحواريين، ورسائل بولس وبطرس ويوحنا ويعقوب ورؤيا يوحنا، أى على المجموع، فلا يطلق على شئ مما عدا الكتب الأربعة بالانفراد. والأناجيل الأربعة عبارة عن كتب وجيزة فى سيرة المسيح عليه السلام وشئ من تاريخه وتعليمه، ولهذا سميت أناجيل. وليس لهذه الكتب سند متصل عند أهلها، وهم مختلفون فى تاريخ كتابتها على أقوال كثيرة، ففى السنة التى كتب فيها الإنجيل الأول تسعة أقوال، وفى كل واحد من الثلاثة عدة أقوال أيضًا، على أنهم يقولون إنها كتبت فى النصف الثانى من القرن الأول للمسيح، لكن أحد الأقوال فى الإنجيل الأول أنه كتب سنة ٣٧ ومنها أنه كتب سنة ٦٤ ومن الأقوال فى الرابع أنه كتب فى سنة ٩٨ للميلاد، ومنهم من أنكر أنه تصنيف يوحنا، وإن خلافهم فى سائر كتب العهد الجديد لأقوى وأشد".