للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأسر النبيلة الكبرى التي كثيرًا ما كانت ألقابها تمنح لها بالوراثة، بينما كانت الطَّبقة الوسطى تتألف من التجار وملاك الأراضي الصغار، وسرعان ما أصبحت نوعا من البورجوازية المدنية، وإن كانت بدون مواثيق أو حصانات. وعلى النقيض كانت العامة في المدن وبخاصة في الريف جمهورًا يتعرض للمضايقات الشديدة من السلطة. ولما كانت تعوزنا في الواقع معلومات عن القانون الزراعي الذي كان ساريًا في الأندلس، فإننا مضطرون إلى أن نفترض وجودًا لم يكن منه بد لطبقة من الدهماء في الريف، تتألف من عَمَلة المياومة الذين ارتبطوا بالأرض وعاشوا حياة تعسة، ولا يستطيعون في الغالب التخلص من حالة الاستعباد التي كانوا عليها.

وكان المعاهدون في المجتمع الأَنْدلسي يؤلفون جزءًا مهما من السكان يضم المسيحيين واليهود على السواء, وكان الأولون يتجمعون عادة في طائفة تعرف باسم المستعربين Mozarabes, وكلهم ينتمون إلى ذلك الجزء من السكان الأسبان الذين رفضوا أن يتخلوا عن عقيدتهم وقت الفتح ليعتنقوا دين الفاتحين. وكانت طوائف المستعربين في المدن الكبيرة على الأقل، وبخاصة قرطبة وإشبيلية وطليطلة، تخضع لنظام في حماية السلطة الإسلامية المركزية وتحت إشرافها، وكان لها زعيم مسؤول أمام تلك السلطة هو القومس، وكان يطلق عليه أحيانًا اسم المدافع أو الحامي، يمارس سلطات مأمور الشرطة على طائفته، وكان منوطًا بجباية الضرائب مسؤولا عنها يعاونه قاض خاص هو "قاضي العجم" أو الرقيب عليهم، يفض المنازعات بين المستعربين. وظلت أرض الأندلس حتَّى نهاية القرن الحادي عشر الميلادي مقسمة إلى نفس المناطق الكنسية، كما كان الأمر في عهد القوط الغربيين، أي إلى ثلاث مطرانيات: (طليطلة، ولوزيتانيا، وبايتيكا) على رأس كل منها كبير أساقفة، ولكل منها أسقفية وعدة أبرشيات، وقد حفظ لنا البكري التفصيلات فيما يسميه "قسمة قسطنطين" وبقيت لنا أسماء بضعة أعيان من أندر أقطاب الكنيسة في