في القارة الأوروبية، من ألمانيا إلى بلاد الصقالبة، أو كانوا من الأسرى الذين اعتقلوا أثناء حملات "الصائفة" على حدود الأندلس إبان العهد الثاني من الخلافة- قد أصبحوا، بصفة خاصة في قرطبة، طائفة كبيرة العدد نشيطة كان لها وزنها الكبير في اقتصاد الدولة القرطبية، كما أسهموا إلى حد كبير في انهيارها السريع.
وعلى الرغم من أن البربر والعرب والعناصر الإِسلامية الأجنبية الأخرى كان لهم شأن كبير، فإنهم كانوا أقل عددًا بكثير من جماعة المسلمين الجدد الأسبان الذين كانوا أعظم منهم شأنًا والذين عرفوا في الأندلس باسمى جنس هما "المُسالمة" أو "المولدّون" بنوع خاص. وهؤلاء هم الأسبانيون الذين اعتنقوا الإِسلام بعد الفتح لكي يتمتعوا بمركز شخصي أفضل من مركز الذمي. وهذا الاستعراب الكامل السريع لكل من دخلوا في الإِسلام، الذين أظهروا في أغلب الأحوال إخلاصًا عظيمًا صادقًا له، يعد ظاهرة ملفتة للنظر. وفي خلال فترة قصيرة اندمج المولدون في المجتمع الإِسلامي، وأتاحوا لحكام البلاد بحسن استغلالهم لخدماتهم أن يرأبوا الصدع الناتج من نقص المهاجرين من قدامى المسلمين. وسرعان ما انصهر كثير من المولدين في بوتقة المجتمع الأَنْدلسيّ، بل هم قد نسوا أصلهم الأسباني (الإيبيرى أو القوطي) على الرغم من أنَّهم كانوا يحملون في كثير من الأحوال أسماء أعجمية. وأدى التعايش في ظل الإِسلام بين العناصر المختلفة الأصول من السكان إلى اندماجهم بالتدريج، وهي عملية ساعد عليها انتهاج سبيل واحد، وإيقاع واحد في الحياة، وازدواج اللغة الذي وضع -على الأقل- اللغة العربية الأندلسية والعجمية في الحياة اليومية على قدم المساواة.
وانقسم سكان الأندلس المسلمون -الذين كانوا يتألفون من عناصر متعددة الأصول وإن كانوا قد أصبحوا بالتدريج متجانسين نسبيًا- إلى عدد معين من الطبقات الاجتماعية على غرار ما حدث في بقية العالم الإِسلامي: طبقة خاصة، وطبقة عامة. وتضم الأولى