استخدام لهجاتهم الأصلية. وظل الأمر كذلك حتى نهاية القرن العاشر الميلادي، وهناك حدث تدفق جموع أخرى من الجند من جراء تجنيد المرتزقة من البربر على نطاق واسع في المغرب الأوسط والشرقى، ومن ثم دخل إلى الأندلس جماعة من أهالى شمالي إفريقية عجلوا بتقويض بناء الخلافة وتجمعوا جماعات سلالية كونت في القرن التالي طائفة البربر التي تقابل طائفة الأندلسيين. والعنصر العربي في الأندلس لم يكن قط إلَّا أقلية. أما الأغلبية فقد دخلت البلاد إما في عهد الفتح أو في خلال السنوات التالية، وازدادت قوة فيما بعد بعناصر طارئة من الجند الشاميين وبالمهاجرين الذين أقبلوا زرافات من آسية في عهد استعادة المروانيين للخلافة في الأندلس. ولعل العرب كانوا أصلا لا يتجاوزون بضعة آلاف قبل زواجهم من النساء الوطنيات، وقد أنتج نظام "الولاء" عددًا لا يستهان به من النَّاس الذين ادعوا, خطأ أو صوابًا، أنَّهم من أصل عربي. ومن المسلم به على آية حال أن العرب كانوا يمثلون عنصرًا عدوانيًا مشاغبًا في القرون الأولى من تاريخ الأندلس، وأنهم قد احتفظوا لأنفسهم بأجود الأراضى على الرغم من احتقارهم للعمل في فلاحة الأرض، وتركوا للمستعمرين المشاركين لهم في المحصول مهمة فلاحة الأرض، وكانوا يؤدون لهم أجورهم نصيبًا من المحاصيل يتفق وما عملوا.
وهناك عنصر ثالث دخيل على المجتمع الأَنْدلسيّ لا مفر من الإشارة إليه هنا على الرغم من أنَّه لم يكن إلَّا نسبة ضئيلة إلى حد ما من السكان, وهذا العنصر يضم العبيد والصقالبة.
فالعبيد الذين جلبهم النخاسون من السودان إلى أسبانيا لم يكونوا في النهاية حرسا من المرتزقة يتزايد عددهم باطراد فحسب، بل هم قد امتزجوا أَيضًا بباقى سكان المدن نتيجة الزواج من نساء العبيد اللائى حظين بتقدير خاص وكن مطلوبات من الرجال بسبب ما يمتزن به من فضائل ومهارة في الشؤؤن المنزلية. ومن جهة أخرى فإن الصقالبة- الذين كانوا من الأسرى