(في الأسبانية Mocarabes) يرجع أصلها إلى بلاد الفرس أو العراق، وهي تعبر بعض المقصورات. والحق إن ما تتسم به هذه الزخرفة من كمال عجيب يكشف عن أن هذا العمل لم يكن التجربة الأولى في ممارسة هذه العناصر المجلوبة من الخارج.
وخير ما يمثل أسلوب المرابطين في الزخرفة هو قبة البروديين بمراكش، ولعلها شيدت بين عامي ٥١٤ و ٥٢٦ هـ (١١٢٠ - ١١٣٠ م). والجزء الأوسط من هذا البناء الصغير المستطيل الشكل تغطيه قبة صغيرة من الآجر المقوس. وفي داخل القبة ثمانية عقود متقاطعة على هيئة تشبه عقود القبة التي تغطى المقصورة التي قبل المحراب في مسجد قرطبة. والعقود مختلطة المخطوط في هذا النموذج المراكشي، وتتألف من تيجان وقسي وزوايا قائمة، والأوجه التي تضمها بين مستويات عقودها يكسوها -مثل كل الأوجه الأخرى تقريبا- توريق دقيق من الجنة يحيط بمراوح كبيرة. وهذا صنع أندلسيّ يتميز بفخامة فوق التصور وخيال خصيب، وهو يعبر بأسلوب بليغ عن النزعة المناهضة للكلاسية إلى التجزئة والإسراف في الزخرف، وهي النزعة التي تنبثق في مواسم في مجرى تاريخ الفن الأندلسيّ.
أما الموحدون الذين كانوا مثل أسلافهم يفتقرون إلى التقاليد الثقافية، تحكمهم نزعة الزهد التي تملكتهم وأنكرت كل ترف وكل إسراف بما يتفق مع حركة تهدف إلى إحياء ما كان عليه الإِسلام في أول عهد من طهر ونقاء، فقد أثرت نزعتهم هذه في التطور الفني بوضع قيود صارمة على الزخرفة ردتها إلى ضروراتها الجوهرية، وجعلت لها نطاقا محددًا تحديدًا دقيقا يقوم على أسس عامة بسيطة. ولم يبق مصلى واحد مما بناه الموحدون في الأندلس، ولذلك فإننا لا نعرف هل امتدت هذه الخصائص إليها أيضًا؛ وبقايا المسجد الجامع في إشبيلية الذي أكمل بناؤه في عهد يعقوب المنصور (٥٧٢ - ٥٩٤ هـ = ١١٧٦ - ١١٩٨ م) تحملنا على أن نفترض أنها تكشف عن زخارف أفخم