من التقاليد الثقافية- على هامش النزعة الفنية، بيد أن الاتحاد السياسي بين الأندلس وبلاد البربر فترة تربو على قرن (القرن السادس = الثاني عشر الميلادي، والسنوات الأولى من القرن السابع الهجري = الثالث عشر الميلادي)، وهو الاتحاد الذي تم أولًا في عهد المرابطين ثم في عهد الموحدين، انتهى إلى انتشار الفن الأندلسيّ عبر مضيق جبل طارق إلى أقاليم تغلب عليها الحضارة الريفية وليست فيها مراكز حضرية كبيرة.
ويكشف بناء مساجد المرابطين ما طرأ عليها من تغيرات بالقياس إلى المساجد الأندلسية الأولى، ولعل هذا كان نتيجة لتأثير بلاد ما بين النهرين. فبدلا من الأعمدة -التي كانت حتى ذلك الوقت تفصل المقصورات- بنوا عمدًا من الآجر، وأدى هذا إلى ازدياد رسوخ البناء وأتاح لهم فرصة الاستغناء عن العروق الخشبية، وإن كان هذا قد أدى أيضًا إلى فقدان في مساحة الفراغ وضعف في وضوح الرؤية، ويبدو المصلى المشيد على دعامات من الآجر دائمًا كئيبًا ومملا إذا قورن بالمصلى الذي يقوم على أعمدة.
ولم يبق في الأندلس مسجد واحد من المساجد التي بناها المرابطون. ولعل المساجد الجامعة في تلمسان والجزائر، الخالية أصلا من الزخارف، قد شيدت في السنوات الأخيرة من القرن الخامس الهجري (الحادي عشر الميلادي) قبل أن يصل التأثير الأندلسيّ إلى الشاطئ الإفريقى. وقد حدث هذا في عهد علي بن يوسف (٥٠٠ - ٥٣٧ هـ = ١١٠٦ - ١١٤٣ م)، فقد ازدان خلاله المسجد في تلمسان بزخارف أندلسية رائعة وغزيرة تكسو وجه المحراب والجدران وقبة المقصورة السابقة له. وقد أكملت هذه الزخرفة في قول نقش بخط النسخ هو جزء من هذه الزخرفة، سنة ٣٥٠ هـ (١١٣٦ م).
وقام علي بن يوسف حوالي عام ٥٢٩ هـ (١١٣٥ م) بتوسيع مسجد القرويين في فاس، وهو لا يزال محرمًا على غير المسلمين، وفي هذا المسجد عقود متقاطعة من الواضح أنها من أصل قرطبي وقبوات من المقرنصات