الأخرى الباقية تقريبا من هذا العهد الأخير، وهي لا ترجع إلى تاريخ أقدم من القرن الثامن الهجري (الرابع عشر الميلادي).
والفن المأثور عن بيت بني نصر -أو فن غرناطة- هو مرحلة أخيرة مشرقة للإسلام في شبه الجزيرة احتفظ بمركزه إلى حد ما على هامش الفن الرسمي لأسرة الموحدين، وقد أثراه فن الموحدين وبعض الفنون المجلوبة من الشرق دون إغفال التغيرات التي طرأت عليه مع المتقدم الجامد للزمن. وهذا الفن يمثل أيضًا في مظهره الزخرفي إحياء التقليد الوطني في استخدام الزخرفة الكثيفة المسطحة الرقيقة بعد انحراف الموحدين القصير الأمد عن ذلك؛ ونحن لا نعرف مدى انتشار هذا التقليد في الأندلس.
وقد زين صناع غرناطة المهرة الأيام الأخيرة لحضارة مشرفة على الزوال بأبدع نماذج لما تستطيع كان تأتي به عبقرية الإنسان وفنه في مجال الزخرفة، ذلك أنهم صنعوا بمواد فقيرة هشة كتلا ضخمة قوية بسيطة وأجرامًا معمارية بحتة مثل برج قمارش وباب العدل في الحمراء، وإنشاءات لطيفة منسقة تتسم بالأصالة مثل فناء قصر البركة، وأروقة داخلية خططت بمهارة مثل تلك التي رتبت على التدريج من بهو الأسود إلى قاعدة درجة في القصر الملكي بغرناطة، وقد شيدوا في الوقت نفسه تحصينات أهم من تحصينات الموحدين الأندلسية التي أبقى عليها الزمن. وازدادت غرناطة ثراء بالعمائر العامة، من دور وقصور منمقة بفن شائق بديع. وكان لكل مبنى -من المساكن المتواضعة إلى القصور الملكية التي تكتنف المدينة- أفنيته ونافوراته وأحواضه وأرصفته المكسوة بالقرميد الزاهي اللون وزخرفته الجصية وسطوحه الخشبية التي ضمت بمهارة.
وفي قصر الحمراء الملكي -الذي احتفظ به على نحو عجيب على الرغم من رهافة بنائه الشديدة- يتجلى فن غرناطة ويكتسب خصائصه المتسمة