بالفخامة والعظمة. فبهو البركة وبهو الأسود اللذان شيدا في منتصف القرن الثامن الهجري (الرابع عشر الميلادي) هما تطور على الولاء للأنماط ذات الأروقة المعمدة التي أقيمت على جوانب قصيرة ولها سبيلان مستعرضان مما أثر عن عهد المرابطين. وتحدث المقرنصات في قصر الحمراء قبوات مركبة تغطى المنحنيات الخارجية للعقود وتقوم بدور الحدائر وتغطى وجه بعض التيجان، وفوق الوزرات المصنوعة من اللكاط البراق (فسيفساء من القرميد الملون)، نجد جدران الحجرات قد كسيت بحشوات جصية تبدو كالسجاجيد، وقد اشتملت هذه الحشوات على وحدات زخرفية نباتية (أوراق منقسمة إلى وريقات أصغر حسب تقاليد المرابطين، وأخرى ناعمة مأخوذة من زخرفة الموحدين) مختلطة برسوم هندسية مركبة ونقوش بالخطين الكوفي والنسخ. وثمة ثروة هائلة من الزخرفة في قصر الحمراء، بيد أن قلة عدد النقوش البارزة والترتيب المنسق على الجدران داخل الحشوات يتحاشى أي إحساس بزحمة زخرفها زحمة تخل بنسقها، فالكل متناسق خفيف الظل يسر الناظرين.
وكانت غرناطة في الوقت الذي كانت تقام فيه هذه القصور تثرى ببناء سلسلة من العمائر ذات الشأن: الفندق (Alhondiga Nueva) والمدرسة التي أكملت سنة ٧٥٠ هـ (١٣٤٩ م) والمارستان، أي مصحة المجانين (٧٦٧ - ٧٦٨ هـ = ١٣٦٥ - ١٣٦٧ م). وهذه المباني الثلاثة -ولم يبق منها إلا الأول- تطابق خطط البناء الأجنبية ولكن شكلها يمثل الطراز المحلي.
وفي النصف الأول من القرن التاسع الهجري (الخامس عشر الميلادي) الذي يقترن بالاضمحلال السياسي الأخير لغرناطة نجد فن غرناطة قد عجز عن التزود بمدد جديد من شرقي البحر المتوسط وأنهك قواه النزوع إلى الرفاهات واللطائف المعجبة وإن كانت عقيمة، ذلك أنه أخذ يكرر نفسه ويعيش في نطاق الماضي فحسب، فأصبح بذلك