يدور في قالب فارغ. وظل هذا الفن قائما في صورته المتحجرة هذه بالمغرب عدة قرون، ونكاد نقول إنه لا يزال يعيش على هذا النحو إلى اليوم.
ولقد عمدت التجارة -التي كان معظمها في يد اليهود والشاميين- إلى أن توزع في جميع أرجاء الأندلس الكثير من المنتجات والفنون الزخرفية والصناعية المعروفة في الشرق، وكان نقل عدد منها يسيرًا. وفي عهدي عبد الرحمن الثاني وابنه هشام الأول، غلبت نزعة إلى الترف الرفيع والبهرج في قرطبة بتأثير بغداد وبوزنطة. وسرعان ما نمت في الأندلس صناعة المنسوجات والمجوهرات ومنتجات العاج والخزف والأثاث ... إلخ، منتجات تقلد المنتجات المستوردة لإرضاء مطالب الجمهور الغفير من العملاء في بلاد المسلمين والممالك النصرانية في شبه الجزيرة وشمالي جبال البرانس. وكانت النسخة أحيانا مطابقة للأصل مطابقة يصعب معها القول: هل خرجت بعض الأصناف من بلاد واقعة في الطرف الآخر من البحر المتوسط أم صنعت في الأندلس؟ ومن المستحيل، في حالة المشغولات البرونزية المختلفة على النمط الفاطمي، أن نقطع: هل صنعت في مصر أم في الأندلس. ولا نستطيع أن نقول على وجه اليقين: هل خرجت بعض المصنوعات من مصانع العباسيين أو من مصانع الأندلس إلا بعد فحص دقيق كل الدقة.
ولم يهن نشاط المصانع الأندلسية في القرن الخامس الهجري (الحادي عشر الميلادي)، ولكن ذلك حدث في القرن التالي فحسب عندما وضع تزمت الخلفاء الموحدين الأوائل قيدًا على ذلك وخاصة فيما يتصل بالمصانع السلطانية. وعلى النقيض من هذا وصلت الحرف الصناعية إلى ذروة من التطور والروعة في مملكة غرناطة على الرغم من صغر رقعتها. ولم يتقصر أمر هذه الصناعات على سد حاجات بلاط عرف بالتبذير والإسراف، بل إن تصدير منتجات أرباب هذه الحرف ساعد على إعانة عدد من السكان كبير كانوا مضطرين إلى أداء جزية باهظة إلى ملك قشتالة.
وكان الأثاث الديني في الأندلس -ابتداء من القرن الرابع الهجري (العاشر