للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الميلادي) على الأقل على درجة من الفخامة والإتقان تفوق التصور. وقد كتب مؤرخ في القرن الثامن الهجري (الرابع عشر الميلادي): "إن أمهر أرباب الحرف متفقون في الرأى على أن منابر مسجد قرطبة ومسجد الكتبية في مراكش هي أبدع المنابر على الإطلاق. والمشارقة -كما يتبين من منشآتهم- ليسوا خبراء في الحفر على الخشب" وفي رواية للإدريسي أن منبر المسجد الجامع في قرطبة لا نظير له في العالم، وقد صنع في عهد الحكم الثاني. ويوصف بأنه نموذج لا يبارى لفن صنع الأثاث الرفيع المطعم بالعاج والخشب الرقيق.

أما منبر الكتبية، فقد صنع في قرطبة بين عامي ٥٣٤ هـ (١١٣٩ م) و (٥٣٨ هـ (١١٤٣ م). وهو مكسو بزخرفة رقيقة تتألف من أشكال هندسية متشابكة في ألواح مطعمة مكونة من قطع خشبية صغيرة ثمينة ذات ألوان مختلفة تحف بها قشرة رقيقة من العاج، بينما تملأ المحفورات الخشبية النفيسة الفراغات بين المخطوط الزخرفية المتشابكة.

ومن أعظم الأمجاد الفنية للخلافة علب المجوهرات والقوارير المصنوعة من العاج التي يجب البحث عن سوابقها في مجال الثقافة البوزنطية. وكانت هذه الأدوات تصنع في مصانع البلاط في القرن الرابع الهجري (العاشر الميلادي) والنصف الأول من القرن الخامس الهجري (الحادي عشر الميلادي)؛ والتوريقات هي السمة الغالبة في زخرفتها، على الرغم من أنه لم يكن هناك نقص في رسوم الحيوانات والكائنات البشرية التي ترجع أصولها في بلاد ما بين النهرين إلى عهود سابقة على الإِسلام.

وكذلك حققت صناعة الخزف تطورًا فريدًا في الأندلس، وكان يصنع في عهد الخلافة ما يعرف باسم "خزف مدينة الزهراء" أو "خزف مدينة إلبيرة" ذلك أن عدة نماذج منه وجدت بين أطلال هاتين المدينتين. وكانت الزخرفة على خلفية بيضاء تتكون من أشكال مرسومة باللون الأخضر (أكسيد النحاس) في إطار أسمر داكن (من