الرشيد لم يتخذه مداحا له بقدر ما اتخذه نديما يسامره فى ساعات فراغه. ومن الثابت فيما يبدو أن الشاعر صحب الرشيد فى حملاته على خراسان وأرمينية، ولكن الحنين إلى الوطن غلبه فأذن الخليفة له بالعودة إلى بغداد (الأغانى، الطبعة الثالثة، جـ ١، ص ٣٧٢). وكانت للعباس أيضا صلة بكبار عمال الدولة من البرامكة، وخاصة يحيى بن جعفر (الأغانى الطبعة الثالثة، جـ ٥، ص ١٦٨, ٢٤١). ونستطيع أن نذهب إلى أن بعض السيدات من حريم الخليفة كن يستحسن كثيرا أشعار ابن الأحنف مثل أم جعفر التى أجزلت له العطاء (الأغانى، الطبعة الثالثة، جـ ٨، ص ٣٦٩). وقد رفع من مكانته رضى أصحاب السلطان عليه، وشاهد ذلك أن ابن أخته إبراهيم الصولى المتوفى سنة ٢٤٣ هـ (٨٥٧ م) وهو شاعر أيضا، كان كاتبا (انظر عنه المسعودى: المروج، جـ ٧، ص ٢٣٧ - ٢٤٥؛ الخطيب، ص ١٢٩؛ ويلاحظ أن إبراهيم كان عم أبى بكر الصولى المشهور. ولم يصل إلينا شئ تقريبا عن صلات ابن الأحنف الأدبية. والظاهر أنه كان على صلة سيئة بمُسلم بن الوليد (الخطيب، ص ١٢٨) وأبى هذيْل العلاف المعتزلى (الأغانى، جـ ٥، ص ٣٥٤).
وتروى روايات مختلفة فى وفاته، فقيل إنه توفى سنة ١٨٨ هـ (٨٠٣ م؛ الأغانى جـ ٥، ص ٣٥٤) وكرر الخطيب (ص ١٣٣) رواية الأغانى؛ وقيل أيضا سنة ١٩٢ هـ (٨٠٧ م؛ الخطيب، ص ١٣٣، وياقوت، جـ ٤، ص ٢٨٣)؛ وقيل أن وفاته وقعت بعد عام ١٩٣ هـ (٨٠٨ م) كما فى رواية صديق له يقال إنه لقيه فى بغداد بعد وفاة الرشيد التى حدثت فى السنة نفسها (الخطيب، ص ١٣٣؛ ابن خلكان). ويحتمل أن سنه كانت وقتذاك حوالى الستين. ويقال إنه توفى وهو فى طريقه إلى الحج ودفن بالبصرة (الخطيب، ص ١٣٢ - ١٣٣؛ المسعودى, جـ ٧، ص ٢٤٧).
وقد جمعت آثار ابن الأحنف بعد وفاته على يد "زُنْبُور، ثم جمع أبو بكر الصولى المختار منها (الفهرست، ص ١٦٣, ١٥١)، وترجم الصولى لابن الأحنف أيضا (المصدر المذكور،