وسعى بها ناس فقالوا إنها ... لهى التى تشقى بها وتكابد
فجحدتهم ليكون ظنك غيرهم ... إنى ليعجبنى الحب الجاحد
وإن صحت هذه الرواية كان ذلك دليلا على أن القدماء تنبهوا إلى فضل كلامه فى الكتمان.
وكان لشعر ابن الأحنف ذكر عند علماء البلاغة حين يتكلمون عن الرقة والجزالة، واختار له أبو الهلال العسكرى ثلاثة أبيات (انظر الصناعتين، ص ٤٤، طبع الآستانة).
ويمكن أن يقال إنه فى العصر العباسى كعمر بن أبى ربيعة فى العصر الأموى، فكلاهما قصر شعره على النسيب وتنزه عن المدح والهجاء. والفرق بينهما أن ابن أبى ربيعة عابث، أما ابن الأحنف فكان من المتيمين.
وفى زهر الآداب كلمة نفيسة فى وصف شمائل ابن الأحنف (يجدها القاريء فى ص ٨٥، ٨٦، جـ ٤).
زكى مبارك
+ وابن الأحنف، عباس أبو الفضل شاعر غزل من شعراء العراق توفى فيما يظهر بعد عام ١٩٣ هـ (٨٠٨ م) وتنتسب أسرته إلى عشيرة حنيفة العربية، من كورة البصرة، ولكنها نزحت إلى خراسان. ومع ذلك فإن أباه عاد إلى البصرة فيما يبدو، وهناك توفى على ما يقال سنة ١٥٠ هـ (٧٦٧ م؛ انظر الخطيب البغدادى، ص ١٣٣).
ولد العباس حوالى ١٣٣ هـ (٧٥٠ م) ونشأ فى بغداد (ولا بد أن يكون هذا هو معنى الفقرة التى أوردها ابن قتيبة، ص ٥٢٥، وكلمات الصولى التى استشهد بها الخطيب، ص ١٢٨، وكلمات الأخفش التى رددها الأغانى، الطبعة الثالثة، جـ ٨، ص ٣٥٣). ونحن لا نعلم شيئا عن أيام مراهقته ولا عن دراساته. ولا شك فى أنه بدأ يقرض الشعر فى سن مبكرة جدا، وشاهد ذلك حديث بشّار (المتوفى سنة ١٦٧ هـ = ٧٨٣ م) عن أول ما قال من الشعر ونعته إياه بالفتى أو الغلام (الأغانى، الطبعة الثالثة، جـ ٨، ص ٣٥٥ وما بعدها؛ الخطيب، ص ١٣٠). وكل ما نعلمه عن تفصيلات حياته يظهره فى ثوب المقرب إلى الخليفة هارون الرشيد، على أن