ويذهب المعتزلة إلى أن صاحب الكبيرة إن كان مسلما مصدقا بقلبه ومات قبل التوبة فلا هو بالمؤمن ولا هو بالكافر، وإنما هو فاسق يخلد في النار. ويوافقهم الخوارج على الحكم الأخير، ولكنهم يذهبون أيضًا إلى أن كل معصية يخلد صاحبها في النار. وأهل السنة يسمون صاحب الكبيرة فاسقا أيضًا ولكنهم يقولون إن نهايته إلى الجنة؛ لأن أصحاب الكبائر من المؤمنين ستطهرهم النار ولن يخلدوا في الجحيم.
أما المرجئة فهم في الجانب الآخر، نشأت فرقتهم في صدر الإِسلام عندما اختلف السلف الصالح في أمر من كان مسلما باللسان دون العمل، قال الخوارج في صراحة إنه كافر، أما المرجئة فآثروا أن يؤخروا الحكم عليه إلى أن يكشف الله ما في غيبه، وقالوا بإسلام من اعترف بأنه على الإِسلام. وتلك مسألة أقرها الإِسلام في صيغ مختلفة ومراتب متفاوتة. فكل من عبد الله ميمما وجهه شطر القبلة وجب أن يعد مسلما. وتطرف متأخرو المرجئة في هذا الأمر إلى أن أصبح بدعة منكرة: قالوا إن الإيمان هو التصديق بالقلب ولا ينفع مع الكفر العمل الصالح، ولا يضر مع الإيمان المعصية (انظر Irdia: Van Vloten . في. Zeitschr. d Deutsch Morn. Gesell جـ ٤٥، ص ١٦١ ما بعدها، Vorlesungen: Goldziher index sub Murdschia) .
بقيت مسألة هي: ما حكم المسلم الذي يقرر بلسانه ويقوم بالعبادات والأعمال الظاهرة شأنه في ذلك شأن المسلمين، دون أن يؤمن بقلبه؟ أما مثل هذا فقالوا إنه منافق غير مؤمن. وينبغي أن نتذكر هنا أن الطاعة والعمل الصالح في الإِسلام إنما يقصد بهما الطاعة للعبادات.
(٢) هل يزيد الإيمان وينقص؟
ورد في القرآن الكريم كثيرا ما يدل على أن الإيمان يزيد، قال السلف إن