للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الإيمان يزيد بأعمال الطاعات وينقص بارتكاب المعاصي، وذهب متأخرو المسلمين إلى أن التصديق لا تقع فيه الزيادة والنقصان وأن العمل الصالح ينبغي ألا يعد جزءًا منه أو مؤثرا فيه بالضرورة ولكنه يعتبر شيئًا زائدا على التصديق وبهذا يزيد في قيمته وعلى خاوف ذلك المعاصى فإنها تقلل من قيمة التصديق وإن كان هو لا يزيد ولا ينقص. وقول النبي [- صلى الله عليه وسلم -] (مثقال ذرة من إيمان) يشير إلى أن قيمة الإيمان قد تتفاوت. وقد أوضح الغزالي هنا الأمر توضيحا نفسيا (بسيكولوجيا) صادقا وكسا عبارته طلاوة وجمالا، وبين كيف أن العمل الصالح يزيد في الإيمان. ولكن المسألة ظلت مع هذا من مسائل الجدل اللفظى. فالذين قالوا إن الإيمان هو التصديق والعمل ذهبوا إلى أنه يزيد وينقص. والذين قالوا إنه التصديق فحسب ذهبوا إلى أنه لا محل فيه للزيادة والنقصان.

(٣) وهناك بحث آخر: اختلفوا في: هل يقول الشخص: "أنا مؤمن إن شاء الله"، أم يقول: "أنا مؤمن" من غير عبارة المشيئة؟ كذلك اختلفوا في: هل يقول الشخص: "أنا مؤمن حقا" أم يقول: "أنا مؤمن عند الله"؟ وقد أورد الغزالي أمثلة على هذه المسائل في كتاب الإحياء (جـ ٢، فصل ٥، المسألة الثالثة، انظر شرح السيد المرتضى).

قال الأشاعرة وقال معهم معظم الشافعية والمالكية والحنابلة بوجوب إضافة عبارة "إن شاء الله". أما الماتريدية والأحناف فأنكروا هذا وأجازوا قول الإنسان: "أنا مؤمن حقا" وحجتهم في هذا أن عبارة "إن شاء الله" قد تورث الشك، والشك في هذا الموضوع معناه الكفر. وأجاب الأشاعرة على هذا فقالوا إن صيغة المشيئة لا يراد بها إيقاع الشك في حقيقة التصديق العقلى، إنما يراد بها:

١ - الاحتراز من الجزم خيفة ما فيه من تزكية النفس (انظر سورة النساء: آية ٥٢؛ سورة النجم، آية ٣٣).